في خطوة وصفت بأنها محاولة جديدة لابتزاز المواطنين والتجار، شرعت مليشيا الحوثي خلال اليومين الماضيين بإنشاء نقطة جبايات جديدة تحت مسمى "جمارك" جنوبي مدينة دمت، وذلك بعد فتح الطريق الدولي الرابط بين العاصمة الجنوبية عدن والعاصمة اليمنية صنعاء عبر منفذ الضالع – دمت، الذي ظل مغلقًا لسنوات بفعل حرب المليشيا.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد أرسلت المليشيات الحوثية فريقًا فنيًا ومعدات من صنعاء إلى دمت بهدف إنشاء ما يشبه "ميناء بري" داخلي، لجمركة البضائع والسلع والمركبات القادمة من الجنوب، في استحداث يضاف إلى سلسلة النقاط التي تستخدمها المليشيات كمصدر تمويل غير قانوني لدعم مجهودها الحربي وإثراء قادة الصف الأول فيها.
وأكدت المصادر أن الفريق الذي أوفدته المليشيا يتبع قيادات حوثية قادمة من محافظة صعدة، دون أي مشاركة من أبناء المنطقة، ما أثار استياء واسعًا في أوساط سكان مدينة دمت، الذين عبروا عن امتعاضهم من نهج المليشيا الاستغلالي والإستئثار بهذه الأموال لصالحها الشخصي في ظل افتقار المدينة لأبسط الخدمات، مطالبين إما بإلغاء هذه الجبايات، أو منح منطقتهم حصة مما يتم تحصيله، أسوة بما تفعل المليشيا في مناطق أخرى خاضعة لسطوتها.
وتقدر إيرادات المليشيات من هذه النقطة الجديدة بمئات الملايين من الريالات يوميًا، تقسم بين قيادات مقربة من زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، ما يعكس طابعًا واضحًا من الفساد المالي وتضخم شبكات النهب المنظم.
ويحذر خبراء اقتصاديون من أن مثل هذه الخطوات تعمق من معاناة المواطن في مناطق سطوة هذه المليشيات ناهيك عن ضررها بالاقتصاد الوطني عمومًا، مؤكدين أن فرض جمارك داخلية بين المدن والمناطق يعد خرقًا فاضحًا للقانون التجاري، ويؤدي إلى رفع أسعار السلع الأساسية والبضائع المستوردة، بفعل تضاعف تكاليف النقل والضرائب المفروضة في كل نقطة تفتيش أو جمارك غير قانونية.
ويشير الخبراء إلى أن مليشيا الحوثي لا تأبه بمعاناة الناس، بل تعمل على استثمار هذه المعاناة لزيادة أرباحها وتغذية آلة الحرب، وسط غياب تام لأي اعتبارات إنسانية أو مراعاة للظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها المواطنون في مناطق سطوتها.
وتأتي هذه التطورات في ظل أوضاع اقتصادية خانقة يعاني منها المواطنون في مناطق ومحافظات الشمال، خصوصًا مع استمرار الانقسام المالي والنقدي وغياب الدور الفعلي للجهات الأممية الراعية لعملية السلام في حسم هذا الملف، الأمر الذي يعزز من سطوة المليشيا كقوة جباية موازية خارج إطار الدولة.