الامين برس: يستهدف الرئيس اليمني الانتقالي عبدربّه منصور هادي من التعديل الوزاري المهم الذي أقدم عليه، تأكيد أنّه المرجعية الأولى في البلد وذلك على حساب نائب رئيس الجمهورية رئيس الوزراء خالد بحاح الموجود في باريس لحضور قمة المناخ.
وجاء التعديل بعدما قطع عبدربّه منصور هادي طريق عدن على بحّاح منتصف الشهر الماضي عندما سبقه إليها. وشمل تعيين وزير جديد للخارجية بدلا من عبدالله الصائدي، الدبلوماسي المحترف.
وكان عبدربّه يصر على أن يكون رياض ياسين بابوخان وزيرا للخارجية بدل الصائدي، نظرا إلى أنه يعتبره من رجاله.
والوزير الجديد للخارجية، الذي هو أيضا نائب لرئيس الوزراء، هو عبدالملك المخلافي الذي يترأس حزبا ناصريا (نسبة لجمال عبدالناصر) لا وزن له من أي نوع في اليمن. لكنّ المخلافي نفسه من تعز أكبر المدن اليمنية وأكثرها كثافة سكّانية في المنطقة الوسطى التي يغلب عليها المذهب الشافعي.
وعبر التعديل الوزاري، يكون عبدربّه تخلّص بذلك من الصائدي، وهو من إب، المنطقة المهمّة في الوسط اليمني أيضا. لكنّ الفارق بين الصائدي والمخلافي أن الأوّل دبلوماسي معروف ومشهود له بالكفاءة، فيما المخلافي منظّر سياسي تقلّب دائما في مواقفه السياسية.
فقد كان المخلافي في معظم الأحيان على ارتباط بطريقة ما بالرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل أن يبتعد عنه أخيرا ليصبح رئيسا للوفد الذي سيفاوض الحوثيين وجماعة علي عبدالله صالح في جولة المفاوضات المقبلة.
وإضافة إلى رغبة عبدربه منصور في السيطرة على الخارجية، فقد سيطر أيضا على وزارة الداخلية بتعيين قريب منه هو اللواء حسين محمد عرب نائبا لرئيس الوزراء وزيرا للداخلية.
وحسين عرب من إبين مسقط رأس الرئيس الانتقالي، وسبق له أن شغل موقع وزير الداخلية بعد حرب الانفصال في العام 1994، لكنّ علي عبدالله صالح ما لبث أن تخلّص منه، خصوصا في مرحلة ما بعد تفجير المدمّرة الأميركية “كول” في عدن في السنة 2000.
عبدالملك المخلافي وزير الخارجية الجديد منظر سياسي يقود التفاوض مع الحوثيين
وجاء إخراج حسين عرب من الداخلية كضربة لعبدربّه منصور هادي الذي كان نائبا للرئيس وقتذاك. ومعروف أن حسين عرب مريض جدا الآن وقد حل في الداخلية مكان عبده الحديثي الذي كان محسوبا على اللواء علي محسن الأحمر والإخوان المسلمين والسلفيين.
ولا يعني تعيين عبدالعزيز الجباري وزيرا للخدمة المدنية الكثير، إذ أنّه ليس سياسيا ذا وزن، على الرغم من أنه كان قريبا من الشيخ محمد علي أبو لحوم الذي يعتبر شخصية قبلية لها بعض الثقل في البلد. وأبو لحوم والجباري قياديان في حزب واحد هو “العدالة”. ومعروف أنّ الجباري من محافظة ذمار القريبة من صنعاء وفيها كرسيّ الزيدية في اليمن.
ويعتبر تعيين الدكتور محمّد قباطي وزيرا للإعلام محاولة لتحسين الأداء الإعلامي لـ”الشرعية”، ذلك أن القباطي وهو جنوبي، كان قريبا من علي عبدالله صالح قبل أن ينقلب عليه، شخصية تمتلك مؤهلات إعلامية. كذلك لديه اتصالات كثيرة مع الإعلام العربي والأجنبي وكان يقيم أخيرا في لندن. ويقول القباطي، وهو من عدن، إنه طبيب جرّاح درس في بريطانيا وعمل فيها.
أما تعيين صلاح قائد الشنفرة وزيرا للنقل، فهو ترضية لـ”الحراك الجنوبي” الذي ينادي بالانفصال. وليس معروفا كيف سيجلس الشنفرة، وهو من محافظة الضالع الجنوبية، في مجلس الوزراء تحت علم الجمهورية اليمنية وليس علم دولة الجنوب.
وأخرج التعديل الصراع بين الرئيس الانتقالي ونائبه إلى العلن، فقد قال مسؤول يمني كبير إن بحاح رفض التعديل واعتبره “غير شرعي”، مشيرا إلى أن نائب الرئيس سيصدر إعلانا شخصيا برفض التغييرات الوزارية لأنها غير شرعية مضيفا أن هادي أجرى التغييرات دون مشاورة بحاح الذي يشغل أيضا منصب نائب الرئيس.
وكان مسؤول حكومي أفاد في أكتوبر الماضي عن وجود خلافات بين هادي وبحاح، وأن “أعضاء من عائلة ومحيط الرئيس هادي يتدخلون في شؤون الحكومة”.
وقد انعكس الخلاف بين الرئيس ونائبه الذي يحظى بدعم في الداخل والخارج على تحرك الدبلوماسية اليمنية، وكشفت تركيبة الوفد الذي من المقرر أن يشارك في مفاوضات جنيف2 إلى حد كبير حال الضعف والبلبلة التي تعاني منها هذه الشرعية في اليمن، خاصة بعد تعيين المخلافي على رأس الوفد، وهو الذي لا يمتلك تأثيرا في الداخل اليمني.
وأكدت مصادر يمنية أنّ الشرعية كان يمكن أن تستفيد من البلبلة السائدة لدى الحوثيين ومن التذبذب في علاقاتهم مع علي عبدالله صالح عن طريق حزم أمرها والانتهاء من التجاذب بين رأسي السلطة.
- العرب الدولية :