عدن في مواجهة التغير المناخي.. ولادة شبكة "أصوات عدن الخضراء" كمنبر لحماية البيئة
كتابات
عدن في مواجهة التغير المناخي.. ولادة شبكة "أصوات عدن الخضراء" كمنبر لحماية البيئة
قبل ساعة
منى قائد
تعيش مدينة عدن واحدة من أكثر المراحل المناخية قسوة في تاريخها الحديث، بعد أن تحولت إلى واحدة من أكثر المدن عرضة للتهديدات البيئية في العالم؛ فخلال الفترة الأخيرة، شهدت المدينة أمطاراً غزيرة غير مسبوقة، تسببت في جريان سيول جارفة اجتاحت الأحياء السكنية وألحقت أضراراً جسيمة بممتلكات المواطنين، لتكشف بذلك هشاشة البنية التحتية وضعف جاهزية المدينة، لمواجهة التغيرات المناخية المتسارعة.
هذه الأحداث، لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت كنتيجة طبيعية لاختلال بيئي متراكم تعاني منه عدن، منذ سنوات طويلة، حيث أدت الفوضى العمرانية، وغياب الرقابة البيئية واستمرار التجاوزات في المحميات والأراضي الرطبة، إلى تفاقم الأزمة. ومع الازدحام السكاني المتزايد وغياب الإدارة البيئية الفاعلة، أصبحت المدينة الساحلية الصغيرة مهددة بكارثة بيئية وإنسانية.
منذ عقود، تعاقب على عدن عدد من الأنظمة والحكومات التي لم تُولِ الملف البيئي الاهتمام الكافي، في ظل فراغ سياسي متكرر، جعل من المدينة مساحة مفتوحة لكل أشكال العبث العمراني والتعدي على المحميات الطبيعية والأراضي الرطبة التي تُعد من أبرز ملامحها البيئية الفريدة.
عدن ليست كأي مدينة أخرى؛ فهي ملتقى البحر بالجبل، يجعلها من أبرز البيئات الساحلية في المنطقة، إلا أن هذا الجمال الفريد بات اليوم مهدداً بالإندثار، نتيجة التوسع العمراني العشوائي والبناء غير المنظم الذي يزحف على مساحاتها الطبيعية بوتيرة متسارعة.
واقع كهذا، يفرض ضرورة التحرك العاجل لإطلاق حملات توعوية واسعة وبرامج بيئية مستدامة، تعيد التوازن إلى المشهد البيئي وتحافظ على ما تبقّى من روح المدينة، قبل أن تفقد عدن ملامحها التي لطالما ميّزتها عن سائر المدن.
وفي هذا السياق وضمن مشروع "تكامل" بالشراكة مع منظمة "سيفرورلد" وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، نظمت مؤسسة الصحافة الإنسانية (hjf) بالتنسيق مع الهيئة العامة لحماية البيئة – فرع عدن مؤتمراً صحفياً لإشهار شبكة "أصوات عدن الخضراء" التي تهدف إلى تمكين منظمات المجتمع المدني من قيادة العمل المناخي والبيئي وتعزيز حماية الأراضي الرطبة في المدينة.
جاء إطلاق الشبكة يوم الخميس الماضي برعاية وزير المياه والبيئة، المهندس توفيق الشرجبي ووزير الدولة محافظ العاصمة عدن، أحمد حامد لملس، في خطوة تعكس وعياً متنامياً بأهمية العمل الجماعي لمواجهة التغيرات المناخية وحماية البيئة المحلية.
ويُنظر إلى شبكة "أصوات عدن الخضراء" كمبادرة نوعية تشكل نقطة تحول محورية في مسار الجهود البيئية داخل المدينة، وتجسّد مفهوم فلسفة العمل المشترك بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني، بما يضمن تحقيق استدامة حقيقية وحماية عدن التي نعرفها ونحبها.
عدن اليوم، بحاجة إلى تضافر الجهود الرسمية والمجتمعية، لتستعيد توازنها البيئي وتنهض من بين الركام، ليس فقط كمدينة ساحلية جميلة، بل كرمز للحياة والصمود في وجه التغير المناخي الذي يهدد مستقبلها ومستقبل أجيالها القادمة.