تحالف الظل.. كيف كشفت أحداث وادي حضرموت حقيقة العلاقة بين ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى والحوثيين والتنظيمات الإرهابية؟

تحالف الظل.. كيف كشفت أحداث وادي حضرموت حقيقة العلاقة بين ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى والحوثيين والتنظيمات الإرهابية؟

قبل 5 ساعات
تحالف الظل.. كيف كشفت أحداث وادي حضرموت حقيقة العلاقة بين ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى والحوثيين والتنظيمات الإرهابية؟
 تقرير مريم بارحمة

لم تعد العلاقة المتشابكة بين ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى وبين مليشيا الحوثي الإرهابية والجماعات والتنظيمات الإرهابية الأخرى مجرد حديث متداول أو اتهام سياسي قابل للتأويل، بل تحوّلت إلى واقع مكشوف تدركه مختلف القوى المحلية والإقليمية، وتؤكده الشواهد المتتالية على الأرض. هذه العلاقة ليست طارئة ولا معزولة، بل تمثل امتدادًا لمسار طويل من التنسيق غير المعلن، الذي يخدم أهدافًا مشتركة تجمع الطرفين، رغم تناقض الخطاب السياسي الظاهري.

 

 

 

-شبكة التحالفات الخفية

 

تثبت الوقائع أن ما يجمع الطرفين ليس مجرد تقاطع مصالح عابر، وإنما تحالف نفعي مكّن مليشيا الحوثي من التمدّد في مناطق وادي حضرموت تحت غطاء التراخي الأمني والتسهيلات التي وفّرتها قوات المنطقة العسكرية الأولى، التابعة لحزب الإصلاح ذي الارتباطات الواضحة بالتنظيمات الإرهابية.

فالتحركات الحوثية داخل وادي حضرموت خلال السنوات الأخيرة لم تكن لتحدث بهذا الشكل المتسارع لولا التساهل المتعمد من قبل قيادات المنطقة العسكرية الأولى، التي اتخذت موقفًا متراخيًا تجاه ظهور خلايا حوثية، وتسهيل حركتها، وفتح الممرات أمام عناصرها، بالتزامن مع تنشيط الجماعات الإرهابية وتحركاتها في المنطقة بصورة مريبة ومتزامنة.

تزاوج هذه التحركات المتوازية بين الحوثيين والجماعات الإرهابية يكشف عن مصدر دعم واحد أو على الأقل تنسيق عملياتي يمنح كلا الطرفين مساحة للتحرك ضمن منطقة واحدة، بما يخدم أهدافًا سياسية وأمنية تهدف بالدرجة الأولى إلى ضرب استقرار حضرموت وإبقاء واديها تحت السيطرة.

 

 

 

-جريمة تكشف طبيعة القوات المتورطة

 

بلغت ممارسات ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى ذروتها عندما أطلقت النار على المدنيين العزّل من أبناء مدينة سيئون، أصحاب الأرض والحق، الذين لم يرتكبوا سوى أنهم خرجوا ليعبروا عن مطالب سلمية وحقوق مشروعة. كان المشهد صادمًا، لكنه لم يكن مفاجئًا لمن يعرف طبيعة هذه القوات وارتباطاتها.

فحين تلجأ قوة عسكرية إلى الرصاص الحي في مواجهة المدنيين السلميين، فإن هذا السلوك يعكس طبيعة عقيدة تلك القوات، التي تعتمد على القوة والقمع كأداة لإسكات صوت الناس، بدلًا من الحوار أو احترام حقوق المواطنين. لقد أرادت المنطقة العسكرية الأولى أن توجه رسالة واضحة مفادها أن مطالب الحضارم ليست مرحبًا بها، وأن أي محاولة لتحرير وادي حضرموت من هيمنتها ستواجه بالعنف.

 

إن استهداف الحشود السلمية في سيئون ليس حادثًا عابرًا يمكن تبريره، ولا يمكن تغطيته بأي ذرائع أمنية. فالقضية تتعلق بعمل ممنهج يكشف حجم الخطر الذي تشكله هذه الميليشيا على سلامة المدنيين وعلى الاستقرار الاجتماعي في المنطقة.

 

 

 

-سلوك احتلالي لا يخدم الأمن

 

التعامل العنيف مع مطالب أبناء حضرموت السلمية يفضح حقيقة الأجندة التي تقف خلف ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى، وهي أجندة لا علاقة لها بالاستقرار أو مكافحة الإرهاب، بل تهدف إلى إحكام السيطرة على الوادي وإبقاء أهله تحت ضغط دائم، بما يتيح استمرار نفوذ تلك الميليشيا وحلفائها.

فالحق في التظاهر السلمي مكفول قانونيًا، ويُعد أحد أبسط الحقوق المدنية التي لا يجوز المساس بها. وعندما تواجه ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى هذا الحق بالرصاص، فإنها تؤكد أنها تتعامل بمنطق الاحتلال، لا بمنطق القوة الوطنية. وقد أدّت هذه الممارسات إلى اتساع دائرة الرفض الشعبي، وتعزيز القناعة بأن بقاء هذه القوات في وادي حضرموت يشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الناس وأمنهم.

وعليه، فإن الموقف الشعبي الرافض لأي اعتداء على المتظاهرين السلميين أصبح ثابتًا، ويمثل دفاعًا واضحًا عن الحق في التعبير والاعتصام. إن التنديد بما حدث لا يعد خيارًا سياسيًا فحسب، بل هو واجب أخلاقي وإنساني تفرضه طبيعة الانتهاكات المرتكبة.

ومن هنا تأتي المطالبة الصريحة للمنظمات الدولية والحقوقية بتحمل مسؤولياتها تجاه ما يجري في وادي حضرموت، والنظر بجدية إلى الانتهاكات الممارسة من قبل ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقفها ومحاسبة مرتكبيها.

 

 

 

 

-مسؤولية جماعية لحماية التحركات المدنية

 

الأحداث الأخيرة ليست مجرد حادثة أمنية، بل مفترق طريق سياسي وأمني يضع الجميع أمام مسؤولية أخلاقية ووطنية حماية التحركات المدنية المشروعة. فالاعتصامات في وادي حضرموت لم تكن فوضى أو مطالبات عشوائية، بل حركة شعبية منظمة تحمل أهدافًا واضحة تتعلق برفض القمع والمطالبة بإدارة أمنية حضرمية خالصة وتحقيق الأمن والاستقرار.

إن وجود المواطنين في ساحات الاعتصام بات ضرورة وطنية تحمل أبعادًا سياسية واجتماعية، فهي تعزز الصوت الشعبي، وتكشف حقيقة الرفض الواسع لأي محاولات لتفريغ الوادي من سكانه، أو مصادرة حقوقهم بالقوة. ومع كل رصاصة تطلقها ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى، تزداد القناعة بأن رحيل هذه القوات لم يعد مجرد مطلب شعبي، بل حاجة أمنية عاجلة.

 

 

 

-القوات المسلحة الجنوبية ضمان للأمن والاستقرار

 

في مقابل هذا المشهد المتوتر، برز دور القوات المسلحة الجنوبية بوصفها المؤسسة الأكثر انضباطًا، وقوة رئيسية أسهمت في ترسيخ الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب في مختلف محافظات ومناطق الجنوب. هذه القوات قدمت تضحيات كبيرة لحماية المواطنين، وكانت حائط الصد الأول في مواجهة التنظيمات المتطرفة.

وحين علت مطالب أبناء حضرموت بضرورة تحرير الوادي والصحراء من الجماعات المتطرفة – وفي مقدمتها ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى – لم تتردد القوات المسلحة الجنوبية في تلبية تلك المطالب الشعبية، باعتبارها جزءًا من مسؤوليتها الوطنية وامتدادًا لدورها في حماية الجنوب.

قدوم القوات المسلحة الجنوبية إلى وادي حضرموت لم يكن خطوة سياسية فقط، بل كان استجابة طبيعية لإرادة شعبية واسعة تطالب بالخلاص من الهيمنة العسكرية لقوات لا تمثل أهل المنطقة، ولا تحمي مصالحهم. وقد مثل هذا التوجه نقطة تحوّل في المشهد الأمني والسياسي، عززت الأمل بإعادة وادي وصحراء حضرموت إلى حضن الاستقرار، وإنهاء حقبة طويلة من الاضطراب والانتهاكات.

 

 

 

-حضرموت في مفترق طريق والقرار بيد أبنائها

 

تكشف الأحداث المتسارعة في وادي حضرموت أن المنطقة تمر بمرحلة حساسة من تاريخها، حيث تتصارع مشاريع متعددة: مشروع استقرار وأمن يقوده أبناء حضرموت بدعم القوات المسلحة الجنوبية، مقابل مشروع الفوضى والتحالفات المشبوهة الذي تمثله ميليشيا المنطقة العسكرية الأولى مع الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.

لقد أصبح من الواضح أن بقاء تلك الميليشيا في الوادي لم يعد خيارًا قابلًا للنقاش، بعدما ثبت تورطها في التسهيل للحوثيين، والتنسيق مع الجماعات الإرهابية، وارتكاب انتهاكات جسيمة بحق المواطنين. وأمام هذا الواقع، يزداد الإصرار الشعبي على استعادة القرار الأمني، وتطهير الوادي من كل القوى الدخيلة.

إن مستقبل حضرموت لن يُكتب إلا بأيدي أبنائها، وهم اليوم أكثر وعيًا وإصرارًا على المضي نحو تحرير واديهم وصحرائهم، وتحقيق الأمن والاستقرار الذي يستحقونه.

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر