لايمكن أبداً أن نعتبر التطورات الأخيرة في اليمن، مجرد صراع على السلطة، أو خلاف في وجهات النظر، فاليمن قيد الاختطاف، ورماح الخاطفين ُمصوبة نحو وجهه، الذي كان يسمى في سابق العصر، بالسعيد، فلابقي سعيداً، ولا بات آمناً.
خاصرة العرب الجنوبية، هشة وضعيفة، تتألم بيد الفصائليين الحوثيين الانقلابيين، الذين اختطفوا اليمن وسرقوه جهاراً نهاراً، كرمى لحسابات الإقليم، ولدول إقليمية حاضنة، لهكذا فصائلية مقيتة تتغطى بالحقوق السياسية، والمظالم، لتختطف بلداً عربياً، تضيفه إلى قائمة الشعوب والكيانات المختطفة، في سياق صراعات الإقليم ومكاسراته، واللحم اليمني الحي، حطب في مواقد هذه الصراعات، التي ستقود اليمن، آجلاً أم عاجلاً، إلى حرب أهلية عارمة، تتشظى فيها بنية اليمن، بما يهدد بنية الإقليم، ويجعل سفينة المنطقة تجنح بمن فيها، نحو التواقيت الأسوأ في تاريخ المنطقة، وحياة شعوبها، المنكوبة بالفقر والتجهيل وغياب التنمية والاستقرار.
إننا أمام اختطاف اليمن، لايمكن أن نصمت، ولايمكن أن نجازف باعتبار ذلك شأناً يمنياً خالصاً، فاليمن خاصرة العرب الجنوبية، وأمنها يتجاوز التاريخ والجغرافيا، نحو أمن إقليم برمته، بحراً وبراً، ومخاطر هذا الاختطاف يدركها الخاطفون، ومن خلفهم من حاضنات تحتفل بسقوط دولة عربية، تعد دماً، بمثابة «أم العرب» في الجزيرة وبلاد الشام.
إن اليمن أمام مفصل دموي خطير، فاختطاف البلد؛ ممكنٌ، غير أن البقاء في السلطة أكثر كلفة بكثير، واليمن اليوم، مهدد بالانقسام والتشظية، إلى كيانات شمالية وجنوبية، وكينونات بحرية، وأخرى مذهبية، والحرب القبلية والسياسية والمذهبية قاب قوسين؛ من انفجار سيعم كل المنطقة.
هي دعوة هنا، للعرب والعالم، وللشرفاء في اليمن، للتحرك من أجل فك أسر اليمن، وردّه إلى عصمة الشرعية، بما يتوافق أساساً مع بنيته الاجتماعية، وبنيته الإقليمية الأكبر في هذه المنطقة، وعلينا أن نتأمل فقط الفروقات بين عواصم إقليمية مبتهجة بهذا الاختطاف، وعواصم عربية أخرى ومعها شعب اليمن، تدرك كارثة الاختطاف وحساباتها.
إن الإطاحة بكل الشرعيات في اليمن، أمر مؤلم، والعين المتفرجة بكل حياد، لايصح أن تبقى هكذا، ونحن نرى شعب اليمن، قيد الأسر والعبودية، بيد من يريد بيعه في سوق النخاسة الإقليمية، وبحيث يتحول كل يمني إلى مجرد رقم، على موائد الإقليم ومقامراته.