سبتمبر محاولة ثورة فاشلة

سبتمبر محاولة ثورة فاشلة

قبل 7 سنوات

الاحتفال بذكرى أي ثورة ، في معناه احتفاء بالمنجزات لهذه الثورة ، وما أحدثته من فارق في حياة الناس ، وجعلها تعيش واقعا يختلف عما كان عليه حالهم قبل الثورة .


في حال انقلاب الخميس 26 سبتمبر 62م ، ينتفي أي مبرر لهكذا احتفاء ، إذ لا يوجد بالمطلق أي منجز يمكن أن يحسب لصالح هذا الحدث. فمازال الإمام وفكر الإمام وقيد الإمام هم من يحكم الشمال إلى اللحظة ..بل أن رجال الإمام صاروا هم رجال الثورة ورموزها وقادتها ، و من سموا أنفسهم قادة الثورة لاحقا ، هم من أصبحوا اليوم يحملون مشروع العودة إلى حقبة الإمام التي لم يغادرها الشمال بعد ولا يبدو انه سيغادرها على المدى المنظور.


ربما كان انقلاب سبتمبر 62م يحمل مشروع ثورة ، وحلم انعتاق ، لكنه بالتأكيد وأد ولم ينجح خاصة منذ تسلم عفاش إدارة المملكة المتوكلية باسم الجمهورية ، فجعلها انموذجا فريدا وأسوا من أي نظام استبدادي متخلف وعبودي سخر ملايين الناس لخدمة أسرة .


لذلك يبدو عابثا ومستغفلا لك من يأتي الساعة ليحدثك عن ثورة ماتت بعد ستة أعوام من ولادتها قبل إن تنجز شيئا يستحق إن يسميها ثورة أو يضعها في مصاف الثورات.


ان المضحك المبكي في حال حدث سبتمبر هو انه حتى هذا الشعب الذي يدعي البعض انه صاحب المصلحة الحقيقية في هذه الثورة ، لم يلمس لها أثرا بل نراه يظهر اليوم في أوضح صور رفضه لها ، من خلال التفافه الكبير حول حملة مشروع الانقلاب على الثورة الوهم ، دعما بالمال والرجال وبالصمود الأسطوري غير المتوقع في وجه حملة التغيير والانتصار للثورة المزعومة والمغدور بها .


ففي صنعاء (الثورة) ستجد الآلاف المؤلفة من الناس بما فيهم شباب الثورة يحدثونك بإعجاب عن دهاء الإمام ومكر الإمام ، وعن عدله ،ومساواته بين الرعية في الظلم ،لكنك لن تجد من يحدثك عن منجز سبتمبري انتقل بحياتهم إلى ماهو أفضل .
وفي تعز الشافعية منبع الثورة ووقودها وهي المدينة التي قيل ان الإمام كان يعدها ( البيارة ) التي يخشى طفحها ولذلك جعلها عاصمة لحكمه حتى يستطيع السيطرة عليها وقمع أهلها ، فإن أهل هذه المدينة يبدون الأكثر ولاء له وحنينا لعودة حكمه ،حينما خرجت بمئات الآلاف في مسيرات مؤيده لأحفاد الإمام ،كما خرجت بمقاتلين أشداء حاصروا مدينتهم وجوعوا أهلها وكسروا أحلام شبابها الطامح والحالم بالدولة المدنية .


ذات الحال يتكرر ايضا في اب والبيضاء الشافعيتين وربما إلى حد ما مأرب .


لا يمكن بحسب معطيات الواقع إن نعد حدث 26 سبتمبر أكثر من رغبة وحلم في التغيير لدى بعض الضباط الأحرار لكنه للأسف لم يرتق إلى مستوى الثورات ، ولم يحقق منجزا أو تغييرا حقيقيا غير صياغة الستة الأهداف التي يبدو أنها كانت مسروقة من أدبيات ثورة أخرى لذلك لم يتحقق منها هدف واحد طيلة نصف قرن.


إن ثورة لم يتفق أهلها على اسم الثائر الذي أطلق طلقة الدبابة الأولى ، وربما الوحيدة لها على قصر البشاير ، ليست ثورة ، كما ان ثورة احتفظت برموز الإمام وحراسه ،ومعمري (شيشته ) وحولتهم إلى رؤساء وقادة و مناضلين جمهوريين كما احتفظت بسجن القلعة وسجن البشاير وسجون تعز وشردت رجال الفكر وقتلت القادة والرموز واستبدلت قيود الإمام الصدئة بقيود حديدية صلبة لتكبيل من قام بهذا الحدث ، ليست سوى تطوير لعهد وفكر الإمامة حتى ارتقى إلى مرتبة العبودية شبه المطلقة التي مازال يعيشها الناس في شمال اليمن منذ خمسين عاما تحت ظلال الثورة وبركاتها.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر