أكد وزير دولة في الإمارات العربية المتحدة سلطان بن أحمد الجابر، أن قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر تم اتخاذه بعد محاولات جرت على مدار سنوات لتغيير نهجها القائم على دعم التطرف، ودعاها إلى اتخاذ خطوات ملموسة "من أجل الوصول إلى توافق حقيقي مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الموقف المشترك ضد التطرف والمنظمات الإرهابية".
وشدد، عبر البريد الإلكتروني، لوكالة الأنباء الألمانية، على أنه "من الواضح الآن أن الحكومة القطرية عليها أن تتخذ قراراً: يمكنها التوقف عن السياسات الهدامة التي تتبناها، وأن تتخذ بدلاً منها موقفاً واضحاً من التضامن والوحدة والتكاتف مع دول مجلس التعاون الخليجي، أو يمكنها أن تمضي في نهجها الحالي القائم على تمويل ودعم التطرف والإرهاب".
وأضاف: "إذا اختارت الحكومة القطرية الطريق الثانية، فإنها ستبقى معزولة وستدفع الثمن اقتصادياً ودبلوماسياً. باختصار، لقد طفح الكيل! الكرة الآن في ملعب الحكومة القطرية. فهل ستقوم بتغييرات حقيقية أم ستحاول تحويل الاهتمام بعيداً عن القضايا الرئيسية؟".
وأكد أن "قرار قطع العلاقات مع قطر لم يتم اتخاذه بين عشية وضحاها. فعلى امتداد العشرين عاماً الماضية، عملت الحكومة القطرية على تمويل وإيواء المنظمات الإرهابية، مثل حركة حماس والإخوان المسلمين والقاعدة. كما أنها دعمت بشكل علني المنظمات الإرهابية في ليبيا وسوريا واليمن وشبه جزيرة سيناء. والواقع الحالي يؤكد على أن الحكومة القطرية لم تعد مجرد مساند وداعم لإيران فحسب، وإنما أيضاً مؤيدة للنظام الإيراني، الذي هو نظام يصدر ويمول الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، ويقوض استقرار بلدان أخرى. وبدعمها إيران، فإن الحكومة القطرية تعلم علم اليقين أنها تقف وراء نظام يشكل تهديداً وجودياً على المنطقة. ولا أعتقد أن هناك من يستطيع أن ينفي حقيقة أن إيران تدعو لنشر وتصدير الثورة الإسلامية، فهذا مذكور بشكل واضح وصريح في دستورها".
وقال إن "ما تقوم به الحكومة القطرية يهدد الاستقرار والأمن ليس في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي فحسب، وإنما أيضاً في بلدان أخرى حول العالم. ولا يقتصر الأمر على هذا، ففي إطار سياستها الخارجية، استخدمت قطر عبر تاريخها منصاتها الإعلامية، المحلية والعالمية، للتحريض على التطرف والكراهية والتدخل في الشؤون الداخلية لجيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى امتداد سنوات، كانت هناك محاولات عدة من قبل دولة الإمارات، والمملكة العربية السعودية، ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لدفع الحكومة القطرية إلى تغيير هذا النهج وتحقيق الانسجام والتنسيق المنشود مع السياسة الشاملة لمجلس التعاون الخليجي ضد التطرف".
وأوضح :"لقد بذلنا جميع الجهود الدبلوماسية الممكنة لإيجاد حل لهذه القضايا، وعلى امتداد الفترة القليلة الماضية، قدمت الحكومة القطرية وعوداً متكررة، ولكن لم تنفذ أياً منها، واستمرت في خذلان أشقائها".
وحول ربط البعض للقرار بزيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسعودية مؤخراً، جدد التأكيد على أن "قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة قطر جاء بعد سنوات من الحوار ومن الوعود التي لم تقترن بالأفعال، وبعد سنوات من الاتفاقيات التي لم يتم الالتزام بها. وكانت طلباتنا واضحة وبسيطة جداً، وهي وقف تمويل وإيواء ومساندة المتطرفين والمنظمات المتطرفة. فمنطقتنا لا تستطيع تحمل هذه الازدواجية بعد الآن. غير أن الحكومة القطرية تصرّ على دعم وتمويل وتمكين التطرف في المنطقة وخارجها، إلى أن فقدنا الثقة في وفائها بوعودها بوقف هذا الدعم".
وعما إذا كانت حالة "فقدان الثقة" ستؤثر على آفاق تسوية الخلاف وعلى فرص نجاح الوساطة الكويتية، أجاب :"في عام 2014 كنا نعتقد بالفعل أن اتفاق الرياض يمثل البداية لتحول حقيقي في سياسة حكومة قطر، ولكن للأسف كنا مخطئين. فعلى الرغم من الوعود التي قدمتها حكومة قطر لمجلس التعاون الخليجي بتغيير سلوكها، إلا أن موقفها ازداد سوءاً. وفي مايو (أيار) الماضي، كانت لدى الحكومة القطرية الفرصة للتأكيد على التزاماتها بمكافحة التطرف عن طريق اعتبار إيران دولة راعية للإرهاب في المنطقة، لكنهم اختاروا طريقاً مختلفة".
وأضاف :"الوضع الآن تدهور وتوجب علينا أن نأخذ موقفاً تجاه الحكومة القطرية التي تعمل بشكل واضح وصريح على تقويض استقرار وأمن المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ودول مجلس التعاون الأخرى. أما بشأن إمكانية الوصول إلى تسوية، فإننا بحاجة إلى رؤية أفعال على الأرض وليس مجرد أقوال ... وهناك ضرورة لاستعادة الثقة المفقودة، وهذا أمر آخر يجب أن يوضع في الاعتبار. ولكن الثقة ستأتي فقط عندما نرى خطوات ملموسة يتحتم اتخاذها من أجل الوصول إلى توافق حقيقي مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع الموقف المشترك ضد التطرف والمنظمات الإرهابية".
ويتضمن "اتفاق الرياض" :"التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لدول الخليج والدول الأخرى، وإبعاد جميع العناصر المعادية لدول مجلس التعاون الخليجي، ووقف حملات التحريض في الإعلام القطري والتوقف عن دعم جماعة الإخوان المسلمين، وعدم السماح لشخصيات دينية في قطر باستخدام منابر المساجد ووسائل الإعلام القطرية في الهجوم على دول مجلس التعاون، والتوقف عن التحريض ضد مصر".
وحرص الوزير على التأكيد على أن الإجراءات المتخذة ضد قطر لا تستهدف الشعب القطري، وقال :"نحن نتعاطف بصدق وإخلاص مع أشقائنا من الشعب القطري الذين هم إخواننا وأولاد عمومتنا وأصدقاؤنا، سواء في دول مجلس التعاون الخليجي أو هنا في الإمارات العربية المتحدة. إن الإجراءات التي تم اتخاذها ليست موجهة ضد الشعب القطري بأي شكل من الأشكال، وإنما لسياسات الحكومة القطرية التي هي مسؤولة عن حماية تحالفها مع دول مجلس التعاون الخليجي".
وحول مستقبل "مجلس التعاون الخليجي"، شدد على أن "مجلس التعاون الخليجي هو مجلس قوي يمتد تاريخه إلى 36 عاماً ويقوم على ميثاق يعتمد على تعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك على الحوار والشفافية والوحدة والعلاقات الأخوية"، وأكد "أن المجلس سيواصل مسيرة النمو والتقدم والازدهار".