أستطيع أن أزعم أن علاقاتٍ طيبةً متفاوتة المستويات تربطني بالكثير من القيادات الفاعلة في المؤتمر الشعبي العام في اليمن،(أنا أتحدث عن المؤتمر الحاضر في الشرعية إلى هذا الحد أو ذاك) سواء تلك القيادات التي التحقت بالرئيس عبد ربه منصور هادي منذ الانقلاب عليه وبعضهم منذ العام 2011م عام الثورة الشبابية السلمية الرائعة، أو تلك التي التحقت بالشرعية بعد مقتل الرئيس صالح نهاية العام 2017م، وهو ما يسمح لي بالتخاطب معهم كزملاء وأصدقاء اختلفنا أم اتفقنا ومن حقنا وربما من واجبنا التناصح وأن نبحث عن نقاط اتفاق تسمح بإغلاق بعضٍ من ملفات الماضي والبحث عن مشتركات جديدة في ضوء العواصف التي أحاقت بالبلد منذ العام 1994م ولم ولن يكونوا أبرياء من إنتاج عواملها ومفاعيلها.
وبغض النظر عن الحقائق المؤلمة التي يستفز الحديث عنها مشاعر الزملاء في المؤتمر (فرع الشرعية) سواء ما يتعلق منها بحرب 1994م وما ترتب عليها من جرائم في حق الجنوب والجنوبيين، أو مشاركتهم الغزو الحوثي في العام 2015م وما أنتجته من مآسي إضافية في حق الجنوب والجنوبيين، فإنني سأتحدث عن حقائق جديدة يمكن من خلال الاعتراف بها إرساء علاقة جديدة لهذا الحزب مع الطرف الجنوبي شعباً وقوىً سياسية، بما يسمح بفتح آفاق أخرى تقطع الصلة مع الماضي وترسي منهاجية جديدة للعمل المستقبلي بين قادة المؤتمر وبين الجنوب وأهم هذه الحقائق ما يلي:
أ. إما الاستمرار في تقديس وتأليه حرب 1994م والحفاظ على منهج 7/7/1994م، واعتبار نتائج الحرب على الجنوب هي نهاية التاريخ، وهو ما يعني أنكم لم تتعلموا من كل النكبات والانتكاسات والانهيارات التي أنتجتها تلك الحرب والسياسات البائسة التي بنيت عليها، وبالتالي الاستمرار في الرهان على الخيبات والهزائم التي صنعها هذا النهج في ما يتعلق بمحاولات استعادة الدولة ومعها العاصمة صنعاء من أيدي خاطفيها السلاليين.
ب. وإما مراجعة مواقفكم وسياساتكم السابقة واستبطان ما أصابت فيه وما أخطأت ومن ثم مراجعة علاقتكم بالشعب الجنوبي، الذي ذاق المرارات بفعل الممارسات التي انتهجتموها على مدى أكثر من عقدين، من سياسات الإلغاء والتهميش والتجهيل والاستعلاء ومسخ الهوية وتزييف الوعي والسلب والنهب، وهي السياسات التي لم تنتج، كما تعلمون، إلا عكس ما تمناه صانعوها ومنفذوها.
وأخيراً أكرر ما قلته مراراً: إن الشعب الجنوبي لا يخطط للاعتداء على أحد ولا لغزو أرض أحد ولا للسيطرة على حق أحد وبالتأكيد ليس للحرب ضد أحد، وكل ما يطمح إليه الشعب الجنوبي هو استعادة دولته التي سحقتها دبابات غزو 1994م والسعي لإقامة علاقات طبيعية أخوية تكاملية مع الشعب الشمالي الشقيق ومن يمثله من القوى السياسية، . . . علاقات تتحرر من ثنائيات الفرع والأصل ، والمتبوع والتابع، والمنتصر والمهزوم، والناهب والمنهوب، وتقوم على الشراكات البناءة والمصالح المتبادلة ومحاربة الإرهاب ورفض السياسات الانقلابية، وترعى حسن الجوار وعدم التدخل في الشأن الداخلي.
والله على ما أقول شهيد.