تعيش الخطوط الجوية القطرية أزمة غير مسبوقة، ما دفع السلطات إلى منحها دعما جديدا في ظل ضبابية الأفق وتواصل انهيار الطلب العالمي على السفر، فضلا عن تداعيات المقاطعة العربية التي أجبرت الطائرات على قطع مسافات طويلة قوضت نشاطها.
بلغت أزمة الخطوط الجوية القطرية مفترق طرق خطيرا، نظرا إلى شلل حركة السفر العالمية وعزلة الدوحة عن محيطها الخليجي الأمر الذي اضطرها إلى تسريح العمالة وتأجيل استلام طلبيات الطائرات.
وكشفت الخطوط الجوية القطرية المملوكة للحكومة الأحد عن تلقيها دعما بقيمة 7.3 مليار ريال (1.95 مليار دولار) من الدولة بعد أن خسرت سبعة مليارات ريال (1.92 مليار دولار) على مدار السنة المالية المنتهية في 31 مارس.
وتدخلت عدة دول، منها الولايات المتحدة، لمساعدة شركات الطيران المتضررة من أزمة فايروس كورونا التي أدت إلى توقف شبه تام لحركة السفر العالمي في وقت سابق من هذا العام.
وأبرمت الخطوط القطرية شراكة مع مجموعة أميركان إيرلاينز، التي كانت تقود حملة ضدها وتتهمها بانتهاك قواعد المنافسة. حيث قال محللون إن الخطوط القطرية بحاجة ماسة إلى هذا الاتفاق للتخفيف من حدة أزماتها المتفاقمة وتخفيف وطأة إغلاق أجواء الدول العربية التي تقاطعها.
ومنذ منتصف 2017 اضطرت الخطوط القطرية، التي تسير رحلات باتجاه أكثر من 160 وجهة، إلى التحليق على مسارات أطول من أجل تفادي المجال الجوي لبعض جيرانها والمغلق في وجه طائراتها.
وحاولت الشركة تسريع وتيرة زيادة بعض حيازاتها بعد أن حظرت كل من السعودية والإمارات على وجه التحديد تحليق طائراتها في مجاليهما الجويّيْن إثر خلاف سياسي يتعلق بسياسة قطر في المنطقة ودعمها للإرهاب، وهو من بين أسباب هذه الخسائر.
1.95 مليار دولار قيمة الدعم الحكومي للشركة بعد أن خسرت 1.92 مليار دولار
وقدمت الحكومة القطرية الدعم للخطوط القطرية بعد مارس عندما تجاوزت خسائرها السنوية نسبة 50 في المئة من رأس المال، بحسب البيان المالي السنوي للمجموعة، وجرى تحويل الدعم النقدي لاحقا إلى أسهم جديدة.
وكانت شركة الطيران، التي قلصت الوظائف وأجلت تسلم طائرات جديدة بسبب الجائحة، أعلنت في مارس أنها ستسعى للحصول على دعم من الدولة بعد أن أضرت أزمة فايروس كورونا بقطاع السفر العالمي، لكنها لم تكشف من قبل عن حجم التمويل.
وقالت الخطوط القطرية إن السنة المالية 2019 – 2020 كانت من أصعب سنواتها على مدى ثلاثة عقود، إذ زادت خسائرها بعد أن بلغت خسائر العام السابق 4.5 مليار ريال.
وشهدت الشركة زيادة في الإيرادات بنسبة 6.5 في المئة إلى 51.1 مليار ريال، وزاد عدد المسافرين على متن رحلاتها بنسبة عشرة في المئة إلى 32.4 مليون.
وما زال التأثير الحقيقي للجائحة على الخطوط القطرية غير واضح حتى الآن في ضوء استمرار إجراءات احتواء الفايروس بعد انتهاء السنة المالية للشركة في مارس.
وتضم مجموعة الخطوط الجوية القطرية شركة الطيران وإدارة مطار قطر الدولي وأصول طيران أخرى.
وكانت الخطوط الجوية القطرية قد حذرت من أنها ستسجل الخسارة الثالثة على التوالي مع انتهاء السنة المالية في مارس الماضي، قبل أن يضرب تفشي الفايروس الطلب العالمي على السفر حيث سبق أن أعلنت الشركة أنها ستتكبد خسارة بسبب تداعيات المقاطعة العربية.
وخضعت شركة إير إيطاليا، التي امتلكت منها الخطوط القطرية حصة أقلية، للتصفية في فبراير.
وكانت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” قد نقلت عن أكبر الباكر، الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية القطرية، قوله إن شركته تجري محادثات مع إيرباص وبوينغ لتأجيل طلبيات طائرات لعدة سنوات.
وأكد الباكر في شهر مايو الماضي أن تعافي الطلب العالمي على السفر من تداعيات كورونا سيستغرق سنوات وأن العديد من مرتادي رحلات الأعمال ربما لن يعودوا أبدا.
وطلبت الخطوط القطرية خلال سنوات الطفرة في مجال النقل الجوي، والتي جاءت ضمن سياساتها التوسعية، العديد من الطائرات بعشرات المليارات من الدولارات من أكبر شركتين لصناعة الطائرات في العالم.
ولكن بعد تهاوي الطلب على السفر جوا خلال السنوات الثلاث الأخيرة بفعل المقاطعة الخليجية وتباطؤ النمو العالمي، تقول الشركة إنه لا يوجد مجال لإضافة طائرات جديدة وأنها ستقلص أسطولها المكون من نحو 200 طائرة.
ومثلت الخسائر التراكمية للشركة بنهاية السنة المالية أيضا نحو 9.1 في المئة من رأسمالها مقابل 4.5 في المئة بنهاية السنة المالية المنتهية في مارس 2018.
وأكد الباكر حينها أن تعافي الطلب العالمي على السفر من تداعيات كورونا سيستغرق سنوات وأن العديد من مرتادي رحلات الأعمال ربما لن يعودوا أبدا.
وتوقع أن يشغل المسافرون ما يصل إلى 60 في المئة من المقاعد على بعض رحلاتها، مع إعادة بناء شبكتها تدريجيا. لكنّ تعافيا كاملا قد يستغرق ما يصل إلى أربع سنوات، وقال الرئيس التنفيذي للشركة حينها “سأندهش كثيرا إذا حدث شيء قبل 2023/ 2024”.
وتعتبر الخطوط القطرية من بين عدد قليل من شركات الطيران التي واصلت تسيير بعض رحلات نقل الركاب أثناء الجائحة. وتعتمد الخطوط القطرية بشكل أساسي على رحلات الترانزيت بسبب الحجم الصغير للبلاد كوجهة نهائية للمسافرين، حيث لا يدخل ويخرج من مطارها الدولي سوى نسبة ضئيلة من المسافرين.
ويشكل المسافرون إلى الدول الخليجية المجاورة من رجال الأعمال والسياح والعمال العرب والآسيويين والأفارقة نسبة كبيرة من زبائن الخطوط القطرية حيث يسافرون بين الدول المجاورة عبر الدوحة إلى الوجهات الكثيرة التي أطلقتها الشركة في السنوات الأخيرة.
كما نتج عن إيقاف رحلات شركات الطيران السعودية والإماراتية والمصرية والبحرينية إلى قطر توقف تدفق المسافرين إلى الدوحة للانتقال عبر الخطوط القطرية إلى دول الخليج الأخرى وأوروبا وأفريقيا وأستراليا ودول الأميركتين.