الذين عاصروا مرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وما شهدته من روابط وعلاقات ثنائية بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية (HDPU) واتحاد الجمهوريات السوفيياتية الاشتراكية (CCCP) ما يزالون يستحضرون ما تمخضت عنه تلك العلاقات من عشرات المشاريع الاقتصادية والخدمية الناجحة فضلا عن آلاف الكوادر العلمية التي تأهلت في جامعات وأكاديميات ومعاهد جمهوريات الاتحاد في المجالات العسكرية والطبية والهندسية والقانونية والسياسية وغيرها.، ويكفي أن نتذكر مشاريع مثل مستشفى الصداقة بالشيخ عثمان، والمحطة الكهروحرارية بالحسوة، ومزرعة لينين بمحافظة أبين ومستشفى الشهيد با صهيب العسكري، والكلية العسكرية وعشرات المشاريع في بقية المحافظات .
تغيرت الأوضاع في روسيا مثلما تغيرت الأوضاع في الجنوب، لكن التاريخ لا يمحى بسهولة من ذاكرة الناس وتبقى تلك المعالم شاهدا على تلك الوشائج والروابط بين الشعبين والبلدين، ودليلا على إمكانية استئناف تلك العلاقات بما تقتضيه الظروف والمتغيرات التي شهدها البلدان وبما يخدم مصلحتهما ومستقبل أجيالهما.
زيارة الأخ اللواء عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والوفد المرافق له إلى العاصمة الروسية موسكو تأتي امتدادا لزيارة سابقة كان اللواء الزبيدي قد قام بها منذ نحو عامين، وما يميز هذه الزيارة أنها تأتي في ظروف مختلفة تحمل معطيات جديدة، لعل أهمها توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، فضلا عن بعض المتغيرات الإقليمية والدولية.
زيارة وفد المجلس الانتقالي لموسكو تأتي تلبية لدعوة رسمية من السلطات الرسمية الروسية، وهذا وحده يحمل دلالة كبيرة غند ما يكون الداعي هو دولة عظمى بحجم روسيا الاتحادية، الدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وما تتميز به سياساتها الخارجية من مواقف تقوم على احترام إرادة الشعوب، وفي هذا يمكننا الرهان على مواقف روسية داعمة لقضية شعبنا الجنوبي ونضاله من أجل نيل حقه في تقرير مصيره واستعادة دولته بحدود 21 مايو 1990م سواء في سياق العلاقة بين الجانبين، أو في إطار المنظمات الدولية التي لروسيا الاتحادية فيها ثقلٌ يعرفه الجميع، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة بمستوييها الجمعية العامة ومجلس الأمن وبقية المنظمات المتفرعة عنهما.
وتبقى الإشارة إلى الحقائق التالية التي ينبغي أن يتذكرها ويعيها كل من يهتم بالأزمة اليمنية ومشكلة النزاع الشمالي الجنوبي وأهما:
هذه الحقائق وغيرها ستكون ماثلة على أجندة وفد المجلس الانتقالي في لقاءاته مع الأصدقاء في السلطات التنفيذية والبرلمانية والمؤسسات البحثية الروسية الصديقة.
وأخيرا وحيث أن الأصدقاء الروس يمتلكون ما يكفي من الخبرات الجيدة والمعلومات الكافية عن الأوضاع الاقتصادية والموارد والفرص الاستثمارية في عدن ومحافظات الجنوب، فإن سيكون من المناسب أن تجد الرأسمال الروسي سواءٌ الخاص أو الحكومي فرصة للاستثمار في عدن وفي كل محافظات الجنوب، لما يحقق العديد من المصالح المشتركة للطرفين الصديقين.