قهري على ذلك الحب والتآخي الذي كان بين الشعبين الشمالي والجنوبي قبل الوحدة .
كان الشعبان يشعران بوحدة وجدانية قوية بينهما لا توجد بين أي شعبين عربيين بل أي شعبين في العالم كله ، ومستعد كل شعب للتضحية حتى بروحه من أجل الشعب الآخر ، ولذلك عندما قامت ثورة سبتمر امتشق أبناء الجنوب سلاحهم وذهبوا للدفاع عنها واستشهد وجرح العديد منهم هناك، وكذلك الأمر بالنسبة لأبناء الشمال فقد انخرطوا في صفوف ثوار أكتوبر وحاربوا المستعمر البريطاني معهم واستشهد وجرح العديد منهم .
كما كانت الجاليات الجنوبية والشمالية في الخارج أكثر الجاليات تراحما وتآخيا في ما بينهما ، وقد حكى لي أقربائي الذين كانوا مغتربين في السعودية حكايات كثيرة عن ذلك ، ومنها أن الشمالي كان إذا صادف مشاجرة أو عراكا بين جنوبي وسعودي لا يتردد في المشاركة الى جانب الجنوبي بل أحيانا كثيرة يطلب من الجنوبي أن يهرب ويتركه يصفي الأمر مع السعودي خوفا من تزفيره وعدم تمكنه من دخول السعودية مرة أخرى بينما الشمالي كان يدخل السعودية بدون فيزة وإقامته مفتوحة ويعامل معاملة السعودي بعكس الجنوبي .
هذا الحب والتآخي أفسده السياسيون وردمت جذوته الوحدة ولا أعتقد أنه سيعود بتلك القوة إلا متى زالت أسباب ذهابه ، وعادت لكل شعب من الشعبين دولته .
هذا هو المشروع الكبير الذي يصلح أن يكون المشروع المشترك للشمال والجنوب ، فوحدة الشعب وتجزئة التراب أعظم من وحدة التراب وتجزئة الشعب .