الأمين برس

من اكبر الاخطاء التاريخية على مر العصور خطأ دخول دولة الجنوب في وحدة مع العربية اليمنية... وحدة اندماجية غير محسوبة بكل مقاييس علوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة .. شعبان مختلفان ثقافياً واجتماعياً وطبقياً وسكانياً .. حُكْمان مُخْتلفان نهجاً وهيكلاً وفلسفةً .. بيئتان اجتماعيتان مختلفتان، استقراراً وثقافةً ووعياً وسلوكاً .. عُٰمْلتان مختلفتان قوةً وتغطيةً وضماناً... لم يندمج اي مما ذكر مع مثيله، فقد كان الفرق واضحاً وغير قابل للتقارب .. وما حصل هو أن أحد الشعبين طغى على الاخر بكل قوآه. حاول السيطرة والطمس والإلغاء للشعب الاخر، كانت الكثرة هي الغالبة، مما أدى إلى محاولة تدمير شعب بكل مقدرات الوجودية، (كانت كارثة بكل المقاييس) .. عانى الشعب الجنوبي كثيرا خلال ثلاثة عقود ولازال يعاني من آثار تلك الكارثة.. ومن أبرز صور تلك المعاناة، ما وصل إليه حال الموظف الحكومي في محافظات الجنوب من حالة معيشية لايمكن تصديقها، فهي حالة كارثية غير مسبوقة، حيث أصبح راتب الموظف خمسين دولار، يزيد أو ينقص قليلا، وهو راتب لايفي بتغطية 5% من احتياجات الأسرة.. تعززت الصورة وساءت حالتها بعد أن تم تدمير كل مؤسسات الجنوب بما فيها البنك المركزي، الذي كان يصرف رواتب الموظفين بالدينار الجنوبي (العملة التي كانت تحظى بتغطية وضمان بنكي).. واليوم وبعد ان قطع الجنوب شوطا كبيرا في استعادة بناء مؤسساته، بدعم ومساندة دول الجوار وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت يبق الريال اليمني هو الكارثة التي لاتزال في انهيار متواصل وليس لها نهاية..علاوة على غياب الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم .. وهو ماحوَّل حياة الموظفين إلى جحيم لا يطاق. ومن هنا نطالب كل دول العالم والخيرين في هذا الكون، وفي مقدمتهم دول الجوار ودول مجلس التعاون الخليجي، نطالبهم ونناشدهم رفع الظلم عن شعب الجنوب وانصافه وتمكينه من استعادة دولته ومكانته وحقوقه واستقرارِهِ وسلامِه... وليعلم الجميع أن شعب الجنوب لا يطالب باستقلال ولا بحق تقرير المصير، بل يطالب باستعادة دولة بِعَلَمِهِا وعُمْلتِها وحُدُودها ومَقْعَدِها في الأمم المتحدة، كدولة مستقلة ظامنة للامن والسلم الإقليمي والدولي ..