رويترز/ الأمين برس
طفل اليمن المعجزة الذي حلم يوما بقيادة برنامج فضاء يمني ربما يفقد الآن ساقه وأصابع يده بعد ضربة جوية أصابت حفل زفاف وأودت بحياة العديد من أقاربه وسببت له حروقا بالغة.
كان نبوغ عبد الله قيس السنباني اللامع بمثابة ضوء براق نادر في بلد فقير يئن تحت وطأة الحروب. لكن قصصا مأساوية مثل قصته باتت حدثا معتادا لدى جيل يكافح من أجل مستقبل كريم.
تسببت الحرب الدائرة منذ ستة أشهر بين تحالف تقوده السعودية وقوات الحوثيين الشيعية للسيطرة على العاصمة اليمنية في مقتل 500 طفل على الأقل وفقا للأمم المتحدة. وهناك أعداد أخرى لا تعد ولا تحصى تعاني الجوع أو التشرد أو انضمت للقتال وهي لا تزال في طور الطفولة.
اخترع العالم الصغير عبد الله (15 عاما) سيارة تعمل بالطاقة الشمسية وتدار عن بعد وتتحول لدى قلبها إلى سفينة وفاز في مسابقة دولية عام 2012 وحاز على رحلة لإدارة الطيران والفضاء الأمريكية (ناسا).
سئل إن كان سيواصل دراساته وأبحاثه العلمية في وطنه بعد إصابته في الضربة التي يعتقد أنها من عمل التحالف الذي تقوده السعودية فأجاب عبد الله الذي يقضي الآن فترة نقاهة في مستشفى أردني "إن شاء الله".
يتذكر عمه حسام كيف كان الصبي شغوفا بإصلاح الأجهزة وكيف كان يشحن الهواتف المحمولة بالطاقة الشمسية ثم يتساءل بقلق هل سيكون بمقدوره الاستمتاع بهوايته.
قال "كان مفعما بالحياة شغوفا بالتعلم وبالإنجليزية والكمبيوتر. كل أحلامه وآماله يمكن أن تضيع الآن. مستقبله الآن في يد القدر."
وبينما كان عبد الله يسطر قصة نجاحه أصاب صاروخ حفل زفاف كان يحضره مع عائلته بوسط اليمن في السابع من أكتوبر تشرين الأول.
ومن وحدة الحروق بمستشفى الملك حسين في عمان قال قيس والد عبد الله "كان يوم عرس ثلاثة من أخوة زوجتي. وفي حوالي التاسعة والنصف مساء حين وصلت العرائس إلى البيت سمعنا صوت الطائرات السعودية وهي تضربه بالصواريخ."
وقتل في الهجوم عريس وعروس واثنان من أجداد عبد الله وعمته واثنان من أعمامه وعدد من أقاربه الشبان. وإجمالا قتل 43 شخصا على الأقل في الهجوم بينهم 15 طفلا.
وقال سكان ومسعفون إن الانفجار كان نتيجة ضربة جوية. ونفى متحدث عسكري سعودي هذا وقال إنه من عمل الحوثيين واتهمهم بمحاولة صرف الانتباه عن خسائرهم العسكرية في أماكن أخرى.
* ضحايا صغار
قال قيس السنباني "توجد حروق من الدرجة الثانية والثالثة على حوالي 45 في المئة من جسمه. الحروق طالت أصابع يده اليمنى الخمسة وساقه اليسرى والأطباء سيقررون إن كانوا سيبقون عليها أم سيبترونها."
كان انفجار قد وقع في حفل زفاف آخر الشهر الماضي وأودى بحياة 131 شخصا. وألقى السكان باللائمة أيضا على طائرات التحالف الذي تقوده السعودية ونفى التحالف.
وسقط أكثر من 5400 قتيل في قتال بري وضربات جوية باليمن منذ تدخلت قوات عربية خليجية في الحرب الأهلية الدائرة هناك في مارس آذار لإعادة الحكومة التي أطاحت بها جماعة الحوثي التي تقول إنها تقوم بثورة.
والتبريرات المختلفة للحرب لا تعني كثيرا لأصغر الضحايا الذين سقطوا في بلد نصف سكانه تقل أعمارهم عن 18 عاما.
قال جوليان هارنيس ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) هذا الشهر "في كل يوم يمر.. يرى أطفال آمالهم وأحلامهم للمستقبل تنهار." وأضاف أن المنظمة أكدت تضرر عشرات المدارس والمستشفيات في القتال.
وقال "تنهار منازلهم ومدارسهم ومجتمعاتهم.. ويهدد المرض وسوء التغذية حياتهم يوما بعد يوم."
لكن إعادة بناء البلد وتحدي الكوارث يحتاج إلى تعافي من هم في عمر عبد الله وإلى تشبثهم بالأمل.
كان يرتدي قميصا تي. شيرت مكتوب عليه بالإنجليزية "ناسا: أحتاج فضاء يخصني" حين قال أمام جمهور انهال بالتصفيق له بعد أن تسلم جائزته في مؤتمر نظمه برنامج تيديكس في اليمن عام 2012 "في المستقبل أحلم إن يكون فيه ناسا في اليمن.