تفكيك جدلية الخطاب السياسي للقوى الشمالية اليمنية (المؤيدة للحوثيين أو المعارضة بلباس الشرعية الشمالية)، نحتاج إلى تحليل بنيوي يتجاوز الظاهر إلى الباطن، ويكشف التناقض بين الشعارات (الوطن/الشعب) والممارسات (الصراع على السلطة). فيما يلي منهجية تحليلية متعددة الأبعاد: د. أمين العلياني 1. تفكيك ثنائية الوطن/ السلطة في خطاب الحوثي وقوى الشمال الشرعية المعادية للحوثي والحنوب من خلال: أ. محددات(الإقناع الجماهيري): - خطاب المشروع الوطني الذي تقدَّمه المليشيات الحوثي في واجهة الصراع مع مع قوى الشرعية الشمالية كمعركة لتحرير البلاد من الاحتلال (السعودي/الإماراتي) أو محاربة الفاسدين واستعادة كرامة الشعب. - خطاب المشروع الوطني الذي تقدمه قوى الشمال في الشرعية يُركز على استعادة الدولة ومكافحة الانقلاب(الحوثي)، باستخدام مصطلحات مثل الانقلاب على الدستور وتعزيز منطلقات الإرهاب ضد الشعب. ب. المحددات الباطنة والتنافس على السلطة الشخصية بين قوى الحوثي وقوى الشمال الشرعية من حيث: - التوظيف الانتهازي للشعارات: فجميع الأطراف الشمالية سواء أكانت حوثية انقلابية أم شرعية شمالية تستخدم الشعب كغطاء لشرعنة الصراع، بينما تُخفي التنافس على الزعامات العسكرية/القبلية بهدف أن تتتصدر وجاهة النفوذ ويظهر ذلك من حيث تناقض تحالفات الإصلاح مع الحوثيين سابقًا وتناقضها مع المؤتمرين حاليًا. - الهيمنة على المصالح الاقتصادية فكلاهما يتنافس بانتزاع السلطة بهدف السيطرة على المنافذ الحدودية، والموارد النفطية في الجنوب، والتحكم بالمساعدات الدولية). ج.آلية فضح الالتباس: من خلال تحليل الممارسات مقابل الخطاب: - هل توجد سياسات تنموية فعلية بالمناطق الشمالية التي تحت سيطرة الحوثي؟، لأن يرفع شعار محاربة الفساد لكنه يكرس اقتصاد الحرب، في المقابل هل قوى الشمال الشرعية والمناهضة الحوثي تُحترم إرادة شعب الجنوب في محافظاتهم الجنوبية المحررة التي تكرس الفساد وشرااء الذمم والاستقطابات الحزبية بهدف تفتيت هويتهم الجنوبية بينما ترى تلك القوى الشمالية الشرعية من أن الحوثي يفتت الهوية اليمنية لاهداف سلالية؟ ومن هنا فقمع الحريات والتهميش الذي تمارسه المليشيات الحوثية في صنعاء يقابله الوعي نفسه بالممارسة التي تمارسها قوى الشمال الشرعية في تهميش شعب الجنوب من خلال انهيار العملة وارتفاع الاسعار وتردي الخدمات. 2. تحليل الاستراتيجيات: من حيث المنطق والموضوعية: أ.منطق القوى المؤيدة للحوثيين فهي الخطاب الديني/المقاومة يُبرر السلطة بشرعية الدفاع عن الوطن ضد العدوان، لكنه يستخدم أدوات غير موضوعية في تكفير الخصوم، وإلغاء التعددية، توظيف التاريخ الزيدي كأيديولوجيا حاكمة بينما قوى الشمال الشرعية تبرر السلطة بشرعية الدفاع عن الوحدة لكنها تستخدم أدوات غير موضوعية في وصف الجنوبيين بالانفصالين واحتكار السلطة ويصدرون التحالفات بهدف القضاء على الحوثي كأيديولوجيا حاكمة لانه لا يهدد اليمن فحسب بل مهدد للمنطقة. - التناقض: ادعاء تمثيل كل اليمن مع تغييب قضية شعب الجنوب واختزالها بالمطالب الحقوقية حينا والدفع بأجندات تفتت هويتهم بهدف إعاقة اي تقدم لمشروعهم الداعي إلى استعادة دولتهم. ب. منطق ثنائية التأييد للحوثي والمعارضة الشرعية له من قبل قوى الشمال: - الخطاب الحوثي يقدم المشروع أنه وراثي/جمهوري ويراهن على الدعم الخارجي (الايراني) كضمان للبقاء، والشرعية الشمالية المعارضة له تقدم المشروع أنه جمهوري ديمقراطيوي ويراهن على الدعم القطري والتركي والعماني وبعضهم السعودي لكنهم جمبعا يفشلا في: - بناء مشروع داخلي يقوم على الولاء والتحالفات لكنه يففصي إلى انقسامات المكونات داخل الحوثي والقوى الشمالية الشرعية (الإصلاح، المؤتمر، الناصري والبعثي) تفضح أولوية السلطة على الوطن. -الإقصاء: تجاهل عدالة قضية شعب الجنوب لكنهما يظهران أن الوحدة شعار لتمرير الهيمنة الشمالية حوثية أو زيدية. 3. الأهداف والوسائل: اختراق التناقضات من حيث القوة والهدف المُعلَن والهدف الخفي والوسائل والتناقض، فالحوثيون الهدف المعلن تحرير اليمن والخفي الهيمنة الحوثيةعبر وسائل حرب عصابات، وخطاب ديني والنهاية إفقار الشعب رغم شعار المقاومة. - قوى الشمال الشرعية الهدف المعلن استعادة الدولة والهدف الخفي بقاء النخبة التقليدية تراوغ بالخفاء ضد التحالف العربي وتتخادم معه، وتتظاهر بالولاء له بهدف تهميش الجنوب والتآمر عليه تحت شعار أن التحالف جاء يستعيد الشرعية ويحافظ على الوحدة ، ويصوروا للتحالف العربي بأن لمجلس الانتقالي يدعو إلى استقلال الجنوب من خلال امتلاكه سلطة التمثيل الشرعي في استعادة الدولة بدعم إماراتي مع أجندات شمالية ضد وحدة الجنوب 4. فضح الغايات: أدوات الكشف من حيث : - السياق التاريخي: - الصراع ليس جديداً، بل هو استمرار لصراعات ما قبل 2011 (حروب صعدة، صراع صالح-الإصلاح). - تحول "الثورة" من مطالب شعبية (2011) إلى صراع نخب. - اقتصاد الحرب: - جميع الأطراف تستميت للسيطرة على الموارد (موانئ، غاز، مساعدات) أكثر من اهتمامها بالخدمات. - مثال: معارك مأرب والجوف لم تكن "وطنية" بل صراعًا على عائدات النفط. -الدور الخارجي من حيث: - الخطاب المعادي للاحتلال (من الحوثيين) لا يمنع تحالفهم مع إيران، وخطاب "الشرعية" لا يخفي تبعيته لتركيا وقطر وبعض دول الخليج. 5. الخلاصة: كيف يُكشف وينزع الأقنعة بالتركيز على: - الفجوة بين الخطاب والممارسة: كم من ميزانيات الحرب صُرفت على التنمية؟ -طبيعة التحالفات: تحالف الحوثيين مع صالح سابقاً، وتحالف "الشرعية الإخوانية" مع قطر وتركيا ضد الانتقالي. -غياب المؤسسات: عدم وجود برامج سياسية واضحة (عدا التنافس على السلطة). - البديل: تفكيك خطاب "الوطن المقدس" بإظهار أنه مجرد غطاء لصراع مصالح، ودعوة إلى مساءلة القوى السياسية عبر: - إعادة تعريف "الوطنية" بالانتماء للشعب لا للزعامات. - كشف اقتصاد الحرب عبر تقارير موثقة. - تفعيل دور المجتمع المدني المستقل عن الأجندات السياسية. بهذا التحليل المبسط د، يتضح أن "الوطن" في الخطاب الحوثي وقوى الشمال المنضوية مُسَخَّر لخدمة صراع السلطة، وأن "الشعب" مجرد ورقة ضغط تختفي حين تتحقق المكاسب بالوصول إلى السلطة أو الاستيلاء على الجنوب من خلال تمزيق هويته وتفريخ مكونات تابعة له وباسماء جنوبية.