الأمين برس

2024-11-26 00:00:00

مسار جديد في الحرب ضد الإرهاب

اخبار وتقارير
2016-06-30 09:51:00.000000

برزت دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة بمساهمتها الفاعلة ضمن التحالف العربي في جهود الحرب في اليمن، على عدّة جبهات، سواء في حرب استعادة السلطات الشرعية ومواجهة جماعة الحوثي، الموالية لإيران، أو على مستوى الحرب ضدّ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب؛ كما وازنت بين التدخل العسكري والعمل الإنساني من خلال جهود تقديم الإغاثة للشعب اليمني المتضرّر بشدة من الحرب الدائرة على أرضه، حيث صنفت من قبل الأمم المتحدة في المرتبة الأولى عالميا في تقديم المساعدات لليمنيين.

وأشادت مجموعة من الخبراء الأميركيين بالدور الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة ضمن التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في اليمن، خصوصا في ما يتعلّق بالحرب ضدّ تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وما يمكن اعتباره طرحا لمسار جديد هناك حاجة ماسة إليه من أجل التصدي للإرهاب في المنطقة العربية.

وكتب مايكل موريل نائب مدير المخابرات المركزية السابق تحليلا في مجلة “بوليتكيو” الأميركية قال فيه إن ما تقوم به الإمارات العربية المتحدة، تحت راية التحالف العسكري الذي تقوده السعودية، شيء هام وإيجابي لا يعلم عنه شيئا معظم الأميركيين.

وأضاف موريل في نصه الذي عنونه بـ”لماذا لم يتحدّث أحد عن الهزيمة الكبرى لتنظيم القاعدة؟”، أن الإعلام الغربي دائما ما يشير إلى دول الخليج السنية، بأنها دائما ما تتجنب قتال الإرهابيين والمتطرفين في الشرق الأوسط، لعدم قدرتها على مواجهتهم أو التعامل معهم، إلا أن العمليات العسكرية التي تشنها الإمارات العربية المتحدة في اليمن أثبتت خطأ ذلك.

وأكد نائب مدير المخابرات الأميركية السابق، أن الآثار المترتبة على العملية الإماراتية كبيرة، لأن ذلك يظهر القدرة العسكرية والاستعداد للتحرك ضد الإرهابيين، وهو ما ينبغي أن يصبح نموذجا تنتهجه الدول الأخرى في المنطقة.

ويتفق معه مسؤول أميركي يعمل في مكافحة الإرهاب، وهو مطلع على الوضع في اليمن، بالقول “إنهم (الإماراتيون) أهم قوة في مجال مكافحة الإرهاب على الأرض في اليمن”.

وأضاف المسؤول، الذي تحدث لوكالة رويترز وطلب عدم ذكر اسمه، أن البعض في الإدارة الأميركية شكّكوا في البداية في جدية الإمارات في مهاجمة تنظيم القاعدة بجزيرة العرب، لكن عملية المكلا أظهرت “أن الأمر ليس كذلك”.

وتتولى قوات خاصة من الإمارات، وهي أحد أوثق حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، تنظيم مطاردة تنظيم القاعدة في الصحارى والجبال النائية لتضيف بذلك قدرات قوات عربية تمرست على القتال في مناطق مثل أفغانستان والصومال إلى حملة اقتصرت المشاركة فيها لفترة طويلة على الجيشين الأميركي واليمني.

وكانت قوات الإمارات نشرت في البداية للتصدي لعدو مختلف هو جماعة الحوثي اليمنية عندما انضمت إلى حملة قادتها السعودية العام الماضي لمحاولة وقف سعي الجماعة، الموالية لإيران، للسيطرة على السلطة في البلاد.

وأضعفت الحرب الحوثيين لكن تنظيم القاعدة انتهز ما نتج عن ذلك من اضطرابات واكتسح الشطر الشرقي من البلاد واستولى على أراض تفوق ما استولى عليه من قبل وجمع عشرات الملايين من الدولارات من خلال إدارة المكلا حيث يقع ثالث أكبر الموانئ في البلاد.

اليمن مثال أفضل

تلبي الحملة التي تشنها الإمارات على تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، الذي يعتبر من أقوى فروع شبكات التنظيم الجهادي، مطلبا قدمته واشنطن مرارا أن تبذل دول الخليج العربية المزيد لضمان أمنها.

لكن ما أطلق عليه “مذهب أوباما” الذي يقوم على الاعتماد على حلفاء محليين بدلا من نشر قوات عسكرية أميركية في الخارج لمقاتلة الجهاديين اعتبر متعثرا في العراق وسوريا وأفغانستان رغم تمويل وتدريب شركاء محليين، ويأمل مؤيدو الحملة أن يكون اليمن مثالا أفضل.

وتعمل قوات الإمارات مع الولايات المتحدة لتدريب المقاتلين اليمنيين وتوجيههم وتزويدهم بالعتاد، فيما يشار إلى أن لديهم القدرة على التحمل لمواصلة هذه الحملة التي قد تستمر فترة طويلة بعد التوصل إلى تسوية للمواجهة المنفصلة مع الحوثيين.

وأشادت دول غربية بالقدرة الإماراتية على إدارة عمليات جوية وبحرية وبرية ونشر قوات سرا وتحمل الخسائر البشرية من الجنود، وذلك بعد أن يئست تلك الدول من قدرة الجيش اليمني المفكك على التصدي لتنظيم القاعدة.

ونقلت وكالة رويترز عن الجنرال المتقاعد أنتوني زيني، الرئيس السابق للقيادة المركزية الأميركية، قوله إن الإمارات تمثل قوة عسكرية من الطراز الأول في المنطقة وقدراتها تتزايد على نحو متصاعد مقارنة بما يشير إليه حجمها. وأضاف “يظهر هذا أيضا القدرة على الصمود هناك رغم سقوط ضحايا.. أثبتت الإمارات عزمها على القتال إلى جانب الولايات المتحدة والتحالفات”.

وبعد أشهر من التحضير تولت الإمارات تنسيق مهمة دحر القاعدة في المكلا من خلال حلفاء يمنيين في عملية معقدة دعمتها المخابرات الأميركية وعمليات إعادة التزود بالوقود في الجو.

وفي حين قالت القاعدة إنها نفذت انسحابا تكتيكيا دون خسائر فإن مصادر في قوات التحالف قالت إن التنظيم في الحقيقة تلقى ضربة موجعة. وقال مسؤول عسكري بارز بالتحالف طلب عدم ذكر اسمه “كان التركيز على عدم السماح للقاعدة بالتعويض. ننوي دائما إبقاءهم في موقف دفاعي”.

بتوليها دورا محوريا كهذا في اليمن، تضع الإمارات نفسها في خضم بحور السياسة الهائجة خاصة من خلال وجودها بشكل أساسي في الجنوب حيث تواجه شبكة مخاطر في خضم تقلبات متصاعدة محتملة من حركة انفصالية آخذة في التشكل من جديد وأصبح صوتها أعلى وأوضح في المطالبة بانفصال الجنوب.

ورغم انتماءاتهم الثقافية يتعين على الضباط الإماراتيين مراعاة عدم الوقوف على الجانب الخطأ من القبائل التي تعتبر تحالفاتها مع المتشددين الإسلاميين تكتيكا أساسيا للنجاة، ولا يزال المتشددون مستمرين في عمليات اغتيال ضباط الجيش الموالين للتحالف وشن تفجيرات انتحارية على مجمّعات الجيش والشرطة اليمنيين.

وحتى الآن لا تهاب الإمارات التحدي وتصر على أن حملتها توفر الحماية للمنطقة بأسرها وتصر على امتلاكها إرثا عربيا خليجيا يمكنها من المساعدة في تجاوز الشبكات القبلية المقعدة. وأكد مسؤول التحالف أنهم يملكون قدرة على التعامل مع المقاتلين اليمـنيين وكسب ثقتهم لكونهم ليسوا أجانب.

وتولي واشنطن لذلك أهمية، فالتحرك الأميركي ضد تنظيم القاعدة تعثّر في البداية بسبب الحرب ضد الحوثيين التي أجبرت الولايات المتحدة في أوائل 2015 على إجلاء أفرادها.

لكن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قالت بعد عملية المكلا إنها نشرت عددا صغيرا من الأفراد العسكريين لدعم مساعي مكافحة الإرهاب الإماراتية في بادرة محتملة على زيادة تصميم الولايات المتحدة على العودة للانخراط في العمليات على الأرض.

الحل النموذجي

قال مسؤول عسكري بارز بقوات التحالف إن فريق عمليات خاصة قوامه ثمانية أفراد من المراقبة الجوية المتقدمة هبط بطائرة (تي.إتش-47-شينوك) في شبه جزيرة عدن الصغرى في سرية تامة بين 13 و15 أبريل 2015 أي بعد أيام من بدء القتال. وأضاف المسؤول أن الفريق انضم إلى حليف يمني على الأرض يعمل ضمن المقاومة الجنوبية للحوثيين.

وخلال عشرة أيام نفذت عملية إنزال برمائي للمزيد من القوات، وفي الأسابيع التالية تولت فرق ضمت كل منها ما بين أربعة وستة من عناصر القوات الخاصة الإماراتية مجموعات يمنية قوام كل منها 50 شخصا وقدمت القيادة وأنشأت تشكيلا من 2000 مقاتل من المقاومة في عدن.

وفي يوليو 2015، أي بعد أشهر من التحضير والتواصل مع الشركاء، بقيادة السعودية، نجحت تلك القوة في طرد الحوثيين من عدن ومن قاعدة جوية كبيرة غير بعيد.

وذهبت الإمارات لتدريب أربعة آلاف مقاتل يمني في عصب بإريتريا لتشكيل قوة مهمتها منع الفوضى في المدينة، وفي الخريف أدارت الإمارات بيسر عملية مناوبة للآلاف من قواتها في مسرح العمليات وخطّطت في الوقت نفسه لعملية المكلا.

ووصف محمود السلامي، الأستاذ بجامعة عدن، ما قامت به الإمارات من إعادة بناء لمستشفيات ومدارس بأنه دور استثنائي، وأضاف أن التحالف ظهر في البداية وكأنه متسامح للغاية مع المتشددين في الجنوب بسبب اشتراكهما في نفس العقيدة المناوئة للحوثيين لكنه سرعان ما شن حملة عليهم.

ويشعر اليمنيون في الجنوب بالامتنان للتحالف لأنهم الآن “سواء انفصلوا أم لا فإن الجنوب عاد إلى أيدي أبنائه وتحقق هذا بفضل دول التحالف”. ويقول مايكل نايتس، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، “إن عمليات التصدي للمسلحين في اليمن قد تستمر سنوات طويلة، لكن الإماراتيين قادرون على الوفاء بذلك الالتزام”.

https://alameenpress.info/news/6211
You for Information technology