اولا اختلف كليا من الناحية الايديولوجية مع جماعة انصار الله الحوثيين كجماعة تتخذ من فكر اسلامي “معتنق حياة” وتمارس عبادة الفرد المقدس وتنظر للأطراف الاخرى لاسيما من الاتجاهات الاسلامية الاخرى نظرة عدائية تعتمد على بعد تاريخي فهي ترى في كل سلفي واخواني “يزيد” بن معاوية وتخوض الى اللحظة معارك صفين وغيرها التي حدث في القرن الاولى الهجري.
طبعا اختلافي مع “انصار الله ” ليس اختلاف “طائفي” ابداا فهي من وجهة نظري اكثر “راديكالية” من الاخوان المسلمين واقل “راديكالية” من القاعدة واخواتها من اقسام الجهادية السلفية طبعا وكل تلك الطوائف الاسلامية شيعية وسنية اختلف معها على قدر السواء واعتبرها من سممت حياتنا ولا تعنيني مصطلحات “رافضي مجوسي وصفوي ولا وهابي وناصبي ابدااا .
لنعد الى ما حصل في صنعاء لنقيسه بمقياس السياسة “البراغماتية” النفعية فقط حتى يتضح لنا ان ردة فعل ابناء الجنوب كانت “يمنية بامتياز” وانا منهم طبعا وفي غالبنا “عاطفية قومية ” لما حصل في الرئاسية فقط لا لضرر على “القضية ” عدى “خيبة امل” من كانوا يتوقعون فيدرالية الاقليمين وانا منهم وهنا كثير من الجنوبيين لم يكنوا اصلا راضيين عن فكرة الاقليمين.
منذ الوحدة التي دخلها على سالم البيض طوعيا وكان الشعب الجنوبي مهلل لها تداخلت الطبقتين السياسيتين “الجنوبية والشمالية” مؤمنتين شرعية لنظام ما بعد الوحدة حتى بعد حرب 94م التي كان قسم من ابناء الجنوب فيها مع ابناء الشمال نتيجة “حروب الثمانينيات” العبثية والكارثية في الجنوب .
استمر صالح يحكم “بطبقة سياسية ” ممزوجة شمالية و”جنوبية صورية “وكانت ثورة الجنوب تواجه صعوبة اقناع العالم والمحيط بتسلط الشمال “وتلك الوجوه الجنوبية” تحمل صفات رسمية في اعلى المناصب في صنعاء .
في 2011م ثارت قوى الشمال التي اقصاها صالح وسيطرت على مقاليد الامور وكان راس الحربة فيها “تنظيم الاخوان المسلمين” واعلن مجلس رئاسي حتى وكانت الاسماء الجنوبية “التاريخية ” موجودة كالعادة واستمرت ممارسة نفس الادوار كما استمرت الطبقة الشمالية الحاكمة الجديدة في معاملة الجنوبيين بنفس معالمة نظام صالح وحضرت اسماء من العيار الثقيل “كباسندوة وعبدربه منصور هادي ” واسماء خفيفة وارجوزية “كعبدالله الناخبي” واستمر تضليل العالم بوجود الجنوبيين في اعلى المناصب في الدولة .
في 2014م تغير الوضع سيطرت “طبقة يمنية” مغرقة في يمنيتها بعد قتال مع “فريق جنوبي ” واقصائه بطريقة اخذت تتبلور في الذهنية “كحرب شمالية جنوبية” ثم “اقصت الكل ” كل القوى التي تشهد في صفوفها تداخل “شمالي جنوبي ” المؤتمر والاصلاح والاشتراكي والناصري وغيرها وتفردت بالحكم بطاعة شديدة لشاب يتخذ من “شمال الشمال ” معقلا له وينطق بلسان “فكر ومذهب ” لا يوجد الا في “شمال اليمن ” (الزيدية).
اذا بناء على كل تلك المعطيات التاريخية ما الذي سينتجه سيطرة الحوثيين على صنعاء ولماذا كل هذا “الغضب الجنوب ” والتشنج الغير مبرر “سياسيا” ونفعيا؟!.
يمكن ان يعزا “انفعال الجنوبيين” لأربعة اسباب من وجهة نظري ليس بينها سبب “سياسي” صريح غير ان احدها يمكن ان يدخل في باب “خيبة الامل السياسية” .
1) اول الاسباب سبب “عاطفي ” يرتبط بمعركة صنعاء الاخيرة بين “عبدربه منصور هادي ورجاله وجماعة انصار الله والقتلى الجنوبيين ثم وضع الاقامة الجبرية وهذا السبب مدعوم “بتصرفات السلطة المحلية ” التابعة لعبدربه والتي تضغط لرفع الإقامة الجبرية عنه ليس الا وعندها سينتهي كل شحن وسيختفي حبتور والمجيدي والعاقل وستعود المياه لماريها.
2) ثاني الاسباب “معركة المملكة” وهي ان القيادات الجنوبية المقربة من المملكة السعودية “تخوض مع الحوثي ” معركة المملكة وليس معركة الجنوب وهنا يمكن اتضاح الامر بدعوة العطاس للتنسيق “مع اقاليم الشمال السنية” وتحويل المعركة الى “طائفية ” سعودية وهابية مقابل ايرانية صفويه .
3) ثالث الاسباب يعود الى تركيبة الجنوب الديموغرافية فأبناء الجنوب من اصول شمالية مرتبطين بمعركة اقاليم الجند وسبا ويخوضونها انطلاقا من عدن “اعلاميا على الاقل”.
4) السبب الرابع “خيبة الامل” وهو اقرب الاسباب الى السياسة حيث ان كثير من الجنوبيين “وجلهم طبقة سياسية واعلامية” كانوا يأملون في حل لمشاكل اليمن ككل عبر الاقليمين مستندين على رؤية انصار الله بالحوار ودعمهم السابق لقضية الجنوب لكن خطابات عبدالملك الحوثي الاخيرة احالت التنسيق مع الحوثيين الى عداء علني من هذه الطبقة.
وبحسابات السياسة يمكن القول ان الوضع الحالي “اليمني ” هو الوضع الاكثر “صحية ” لإبراز قضية الجنوب واختلافها للعالم منذ تحقيق الوحدة عام 90م.
يمكن القول الان ان هناك “شمال وجنوب ” سياسيا وعقائديا ولا يمكن ان يكون “نجم العسكرية الطارئ ” محمود الصبيحي والمفتقر للحس السياسي عاملا مؤثرا او ان “العقائدي” حسين زيد بن يحيى يصلح “لشرعنة ما فهؤلاء لا يحملون ثقل وعمق باسندوة او هادي او بأجمال او حتى صيت محمد ناصر احمد.
بسيطرة الحوثيين على الامر اصبح النظام الحاكم في الشمال “اسرائيل الجزيرة العربية” محاط بأعداء يعملون ضده ويسعون الى عزله حتى عن محيطه ولم تعد تتوفر علاقات صالح بالخليج والغرب ولا مراكز القوى القبلية والاخوانية التي كانت تستلم مخصصات من المملكة فقد جفف الحوثيون تلك المنابع واجتثوها .
ولان التغيير الاخير في صنعاء جاء لمصلحة الجنوب فان “غضب الجنوبيين” غير مبرر سياسيا بل يضر مصلحتهم لانهم يخوضون معارك ليست معاركهم “مطلقا”.
ارى ان على الجنوبيين ان يبتعدون عن التنسيق مع أي طرف شمالي في المعارك القادمة يعملون على شيطنة النظام اليمني القائم “سياسيا” وليس عقائديا انطلاقا من وقوفه ضد “قضيتهم ” وليس من اختلافه مذهبيا معهم والحذر كل الحذر من التنسيق مع المجموعات الاسلامية المقاتلة التي يصنفها العالم كإرهابية فالعالم لن يرى الى “جنوب ارهابي ” ونظام يمني يحاربه .