بين آن وأخر يصدر قرار تغير أو إقالة أو قبول استقالة، وبالعودة إلى الاسباب في جميع أعمال التغير نجد سبب واحد الموجود باكتساح وهو الفساد، حيث تحول الفساد من عُرف سياسي مع الفعل المستمر إلى ركيزة أساسية في النظام وبنية المؤسسات، ولقد عملت اغلب أطراف السياسية في هذا المبدأ مختارة أو مرغمة أو تعايشت معه على الأقل إن أردنا تبرأة بعض شاغري المناصب السياسية.
الفساد أصبح مبدأ، الكل يتنافس من خلاله على الوصول إلى السلطة ومنافعها، وعلى التكسب من المال العام وبناء النفوذ من خلال وسائل وأدوات متعددة كالتوظيف والتعيينات داخل مؤسسات الدولة التي وصلت إلى مرحلة من الترهل الوظيفي والبطالة المقنعة، وتنامي هذه الظاهرة وتقبلها سياسياً بعيداً عن كل القيم والمبادئ الديمقراطية والأخلاقية يُعد مؤشر خطير.
فالفساد أصبح اليوم في بلادنا أخطر وأشد فتكاً من الإرهاب، فهو الداء الذي يمنع أي دواء ويضع العراقيل أمام أي خطوة للإصلاح أو تصحيح المسار، وكأنه بات منظومة متكاملة تدخل في جميع المؤسسات، هذه المنظومة لا تسمح أن يسقط أي جزء منها لأن سقوط أي جزء سيعني سقوط الأجزاء الأخرى؛ لذا تقوم الاطراف المنتفعة والتي للأسف تتقلد مناصب ذات سيادة بحمايته وتنميتها.
الفساد كــــ “الأرضة” ينخر مؤسسات الدولة من الداخل وقد لا يظهر للعيان، ولكن تأثيره على الدولة ككل كبير جداً، حيث أدى الفساد السياسي والأمني إلى عدم القدرة على اقناع المجتمع الدولي بتصنيف جماعة الحوثي بالجماعة الارهابية، على الرغم من كل الانتهاكات التي تحدث في حق الشعب اليمني وضياع جيل كامل وتفشي فكرة الانقسامات وتعدد الأفكار الحزبية دون دراية لدى أغلب المروجين عن ماذا يعني حزب، ومازال من يسند إلية مهمه أو وظيفة سياسية إلا وايام معدودة ويدخل بعدها في منظومة الفساد، متغاضياً عن مهمته الاساسية والتي تحمل في ثناياها بالمنطق واللوائح والقوانين منافع وامتيازات ولكنها منافع ذات طابع وطني وشرفي واخلاقي.
الفساد هو المغذي الاساسي لبقاء الميليشيات والأحزاب الفاسدة؛ عن طريق الفساد وركاكة التمثيل، إلى الأن تتجول سيارات الأمم المتحدة في شوارع صنعاء والمحافظات المحتلة، ويتم توصيل المساعدات لهم وتوافر قنوات تليفزيونية وشبكات انترنت تسمح لهم بتوصيل أفكارهم للخارج، بالإضافة إلى انتشار الأوباء والأمراض التي انتهت منذ الحرب العالمية الاولى، وتصدر اليمن على قوائم دول الإرهاب والمنع من دخول معظم الدول ناهيك عن الفقر والنزوح وعدم الاستقرار والتلوث وضياع البنية التحتية والأسوأ من ذلك كله هو ضياع هيبة الدولة أمام الجميع.
يجب الان تصحيح المسار ووضع أسس سليمة لآلية العمل في المؤسسات وإنشاء جهاز رقابي تحت رئاسة الجمهورية لتنقية الأخطاء أول بأول، والسعي وراء تسمية جماعة الحوثي جماعة إرهابية قبل الشروع في تنفيذ اي اتفاق والعمل على عودة هيبة الدولة داخلياً ومن ثم اقليمياً ودولياً، وذلك حلم أتمنى أن أراه يتحقق لرؤية يمن واحد جديد مشرق.