كانت تغريدة عابرة ساخرة، قلت فيها: “أعتقد إنّ تركيبة ونشر فيروس كورونا قطريّة بامتياز، وإنّ الدوحة دفعت مليارات لزراعة هذا الفيروس المخيف في الصين، بهدف ضرب العام 2020 الذي كان معدّاً له بدء تحقيق رؤية السعودية 2030 ودبي إكسبو 2020 ونهاية الخلافة العثمانية وتحقيق اتفاق الرياض وعودة السلام للشرق الأوسط”، ثم وضعت وسم #قطر_هي_كورونا.
ما حدث بعد هذه التغريدة، وما زال يحدث، في الكرة الأرضية، سواء من وكالات الأخبار العالمية، كالأسوشيتد برس ونيويورك تايمز والبي بي سي، التي ذكرت: “إنّ تغريدة المطيري فتحت جدلاً حول ارتباط فيروس كورونا بنظرية المؤامرة، وتأثير الخطاب حوله على الأزمة الخليجية والعلاقات القطرية السعودية”، أو من مذيعي قناة الجزيرة القطرية، ولفيف يبلغ أكثر من 15 الفاً من الذباب الإلكتروني الإخواني، جعلني أتساءل، كما تساءل الجميع، عن الأسباب الحقيقية لهذه الثورة القطرية العارمة التي تبِعت التغريدة على تويتر.
بالطبع، لابد أن أذكر إنّه في الأسبوع السابق لنشر التغريدة في الأول من مارس 2020، كنت قد كتبت مقالاً ساخراً عن “محمّد المسند”، رئيس الاستخبارات القطرية، مستشار الأمن الوطني بعنوان “انقلاب” بتاريخ 27 فبراير 2020، وقلت فيه إنّ المسند قد دخل على أمير قطر لاهثاً وهو يقول: “أبلغتنا الاستخبارات التركية لديهم معلومات مؤكدة بأنّ زيارتك في 22 فبراير إلى الأردن وتونس والجزائر قد تشهد انقلاباً عسكرياً داخلياً، وقد تشهد أيضاً محاولة اغتيال خارجيّة، فما رأيك بإلغاء الرحلة؟”. وقال أيضاً: “إنّ هاكان فيدان، رئيس الاستخبارات التركية، قد عرض تأمين الحماية والسيطرة الداخلية المبكّرة وإنّ يوسي كوهين، رئيس الموساد الإسرائيلي، سيؤمن الحماية الخارجية للأمير”، وإنّ كليهما قد زارا الدوحة في الأول من فبراير، وهذه حقيقة أخرى.
افترضت أنّ مقال الميثولوجيا السياسية الساخر قد أثار حفيظة “المسند”، بل وحنقه الشديد، وافترضت كذلك أنّ الثورة القطرية الإخوانية، والحملة المنظمة التي صوبت أسلحتها ضدي، كما صوبت أسلحتها نحو ولي عهد السعودية في قضية خاشقجي، قد انطلقت بقرار على الواتس أب من المسند نفسه، عبر مدير عام قناة الجزيرة، ولكنّي أيضا توقفت، وبعيداً عن المسألة الشخصية، عند افتراض آخر وهو حقيقة أن تكون قطر متورطة فعلاً، بشكل أو بآخر، في نشر فيروس كورونا، وجلبه إلى إيران ثم الخليج، على اعتبار المثل الشعبي “اللي على رأسه بطحة”، وإنّ هذه الثورة ليست انتقاما شخصيّاً من المسند، بل دفاع شيطاني مجنون، عن حقائق مرعبة مخفية.
عدت لأقرأ جميع نظريات المؤامرة حول فيروس كورونا المستجد، والتي قال بعضها إنّ تطوير فيروس كورونا قد جرى في المختبرات الأمريكية أو الصينية، فتمّ تطويره لينقل وينشر من الصين إلى أوروبا وإيران والخليج العربي، ولكنّ ظهور برنامج الاتجاه المعاكس على الجزيرة في الأسبوع الذي يليه، والذي عاد يتحدّث عن نظرية المؤامرة في تصنيع كورونا، وإصرار مذيع البرنامج فيصل القاسم على إبراز وثيقة تؤكد أنّ فيروس كورونا قد حصل على براءة اختراع أمريكية في العام 2015، جعلني أتساءل مرة أخرى، وعلى ذات النهج: منذ متى تعلم قطر عن اختراع كورونا؟ وهل يحتمل شراء قطر للاختراع رقم “10130701” من معهد بيربرايت الأميريكي، باعتبار إنّ القطريين أنفسهم غير قادرين علميّاً على تصنيع وتطوير مثل هذا الاختراع، فقامت مباشرة أو من خلال وسطاء، بشرائِه من مخترعيه (إيريكا بيكرتون، سارة ساره، بول بريتون).
ثم تساءلت: إذا صحّ ذلك، فهل اشترت قطر الاختراع قبل أو بعد ما أثير حولها من شراء ذمم للحصول على حقوق مونديال 2022 وكذلك بعد طردها من التحالف العربي في اليمن لخيانتها، وهل فعلت ذلك لتوجيه ضربة قاسية إلى كل من السعودية والإمارات أم لأسباب أخرى؟ وهل يُحتمل أنّ أفراد الجيش الأمريكي، الذين وجّهت الصين لهم اتهامات بنشر الفيروس كورونا المستجد بالاستناد إلى زيارتهم لمدينة يوهان الصينية في دورة الألعاب العالمية الرياضية العسكرية السابعة في مدينة “ووهان” بمقاطعة “هوبي” وسط الصين، قد جاؤوا من قاعدة العديد في قطر، أم إنّ هذا الاحتمال غير وارد أيضا؟.
عاد الهجوم على تساؤلاتي وتغريداتي يأخذ طابعاً أكثر حدّة، فاتّحد مذيعو الجزيرة جميعاً مع الإخوان المسلمين مع بقايا الصحوة البائدة مع خصوم مدّعي الوحدة اليمنية الفاشلة ليعترفوا جميعا: “إنّ قطر أصغر بكثير من أن تقوم بتصنيع ونشر الفيروس”، فقلت لهم كلمة واحدة: “كذلك فإنّ فيروس كورونا المستجدّ صغير جداً جداً، بحجم قطر، ومع ذلك يعيث في الأرض الخراب”.
لست عالمة كيميائية أو بيولوجية ولست متأكدة من أنّ فيروس كورونا هو غاز السارين أم تمّ تصنيعه أم إنّه تطوّر طبيعي أو غير طبيعي لأحد الفيروسات التاجيّة، ولكنّي متأكّدة أنّ نظام قطر، الصغير جداً، الذي تآمر على مصر العظيمة جداً لتركيعها ووضعها بقبضة الإخواني الإرهابي يوسف القرضاوي، النظام القطري التائه، الذي تآمر سابقاً لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، رحمه الله، والذي تآمر لتدمير ليبيا وسوريا والسودان واليمن، لن يعجز باستخدام أمواله المسروقة من قوت الشعب القطري الشقيق، لفعل أي شيء، وسيستمر في مخططاته التآمرية، بطريقة أو بأخرى، للانتقام أو لبثّ الفوضى والخراب الذي يهدّد الإنسانيّة.
نورا المطيري-روائية وباحثة سياسية عربية