ها هو العام الجديد يطل علينا ومع كل احتفال بعيد السنه الجديدة درجنا على تبادل التهاني والتبريكات والتمنيات بالسعادة ونرسم لا نفسنا خططاً وأحلاماً لتنفيذ طموحاتنا الشخصية والعامة المشروعة ونتعهد دائماً أن نحترم انفسنا وأن نقيم سلوكنا ونعالج منغصاتنا وننأ بأنفسنا عن ديدان الحقد التي اصبحت للأسف ترعى في صحراء أفئدتنا وأن نبدأ حياة جديدة يملؤها الاْمل والحب والتسامح لتحقيق السعادة والعيش الكريم للجميع حتى لا يكون المواطن مغترباً في وطنه.
لكن هل هذه الاحلام التي نعلّل بها أنفسنا مع اطلالة كل عام جديد ستتحقق؟ قطعاً سنجيب بالنفي بحكم العادة والتجربة التي جعلت هذه الاحلام لا تخرج عن إطار أحلام اليقظة وسرعان ما ينتابنا اليأس فينطبق علينا قول الشاعر العربي القائل
أعلّل نفسي بالآمال ارقّها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ
ومع الأسف أصبحت هذه العادة تحل فينا محل العقل في حين هي طارئة غريبة علينا كما يقول الشاعر الفرنسي ( سولي بردوم ) خلافاً لقول شاعر العربية المتنبي القائل : (( لكل أمرئٍ من دهره ما تعودا ))
فيلتقي مع الفنان المصري الساخر عادل أمام الذي يسخر من هذا السلوك بعبارته المشهور ة (متعودة – متعودة دائماً )واصبح البعض يتندّر على السعادة التي ننشدها اليوم أشبه ما تكون بضجعة الموت أو رقدة يستريح الجسم فيها كما يقول فيلسوف الشعر العربي ( المعري ) ، صحيح أن السعادة مرتجى كل مواطن في العيش والحياة الكريمة وتمنياته مشروعه ، في علم يفقهه أو مجد يناله او ثراء يملكه أو تقلد وظيفة مرموقة وصل اليها بكفاءة ودون واسطة ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ومع ذلك لن نيأس وسنظل نطرق باب الأمل لا من باب اليأس وإنما من باب التبصير بالمعوقات التي تحول دون تحقيق هذا الحلم الجمعي المشروع ونحث على شحذ الهمم وتعزيز الإرادة للقضاء عليها ، وهذا الأمر لا يتأنى الا من خلال وضع النقاط على الحروف وتوخى جرأة النقد الموضوعي والنظر الى الامور بنفاد البصيرة لا بالمعالجات العشوائية غير المدروسة وعلينا أن نقر ونعترف بشجاعة أخلاقية من واقع معاناة الناس قد بلغ سيل الزبى , ونتسأل ايضاً من منّا ينكر متاعب الحياة الذي يعيشها المواطن اليوم التي لا ينكرها الاّ من كان منافقاً بعد ان اصبحت لا تخف على أي عين مهما رمدت او أصبحت الشغل الشاغل للمواطن والهم الدائم وتحتم على ضميرنا الداخلي نحن الصحفيين ان نصر ولا نتردد قيد انملة في التذكير الدائم بها وتدني الخدمات الاجتماعية فيها وغلاء الاسعار وشحة الرواتب وسقوط الفئة الوسطى من شريحة الموظفين الى مستوى الطبقة المسحوقة إذ وصل حال واقع المواطن الى حافة الفاقة والمجاعة ناهيك عن تفشي ظاهرة الشحت التي باتت لا تستثني حتى الاسر العدنية العزيزة فضلاً عن السلوكيات والثقافة الغريبة والدخيلة على مجتمعنا وظهور الجرائم الخطيرة المركبة التي تتعارض مع تقاليدنا وقيمنا الدينية والوطنية والانسانية وظاهرة تعاطي المخدرات والحشيش والشمة وغيرها من الآفات الضارة التي تستهدف شبابنا وتجهيل الاجيال أغلى راس مال في التنمية البشرية و الشاملة .
بل لعلّ البعض يتساءل عن أي سعادة ننشدها في المستقبل ونحن اصحاء وغيرنا مرضى ونحن علماء وغيرنا جهلة ونحن في ثراء فاحش وفساد وتبذير ونهب للمال العام وغيرنا في الفاقة والجوع فماذا نحن فاعلون ياأبناء عاصمتنا الحبيبة عدن يانخبة انجابها انكم مطالبون مع كل محفل وطني ومناسبة وطنية الا تستسلموا لليأس عليكم ان تطالبوا بحقوقها وحقوق شعبها ولا تتواروا ان تعلنوا ياأبنائها عن اخلاصكم فهو مرهم لجروحها ودواء لدائها .. اذكروها ما استطعتم فأن في ذكرها لآلامها تجر حتماً إلى ذكر عوامل الشفاء ,..اذكروها كما يذكر الولد الحنون امّه وهي على سرير المرض والعناء.
أذكروها بمجدها ورفعة شأنها أذكروها وضعوا أيديكم مع أيدي الاستاد احمد حامد الملس محافظ العاصمة عدن وزير الحكم المحلي الذي يبذل جهوداً طيبة وجبارة لتخفيف معاناتها .. أذكروها ما دمتم مقدرين لمصائبها وعارفين بحقيقة الأمها .. فمن المستحيل ان يرى العاقل النار في داره والداء في شخص امه ويهمل النار ويهمل الدواء.
اقول بكل اخلاص ومن القلب ، لامجال لليأس وان كان هناك البعض من شبابنا وأهلنا لا ننكر اخلاصهم للوطن العزيز ولكن ننكر عليهم اليأس وضعف الارادة في مواجهة هذه التحديات التي تواجهها عاصمتهم عدن وجنوبهم الحبيب وشعبهم الصابر الطيب ، فأن سألتهم لِم لا تقومون بعمل نافع للوطن أجابوا : نحن يأسون من مستقبل الوطن معتقدون بظلمة الايام الاتية// فبالله كيف يستطيع طبيب ان يحكم على عليل بعدم الشفاء قبل ان يفحص داءه ويعطيه الدواء في حين نرى الكثير من الاطباء لا ييأسون ابداً من شفاء المريض حتى في اخر لحظة من حياته ، وهذا اكبر دليل على ان اليأس والحياة لا يعيشا في جسم واحد .
فحذار من النفوس الصغيرة التي يخلق عندها الامل بكلمة تنشر في النت فيستولي عليها اليأس .. اما النفوس الكبيرة فيدوم فيها الامل ومادام الدم في العروق ومادام الشباب الآملون في المستقبل كثيرون ومادام هناك شباب مخلصون يقدرون الوطنية قدرها ولنا حكمة في هذا المقال بقول شاعرها العربي المتنبي القائل :
على قدر اهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم /
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
ونعود لنقول ان الوطن بحاجة لشباب مخلصين يقولون الحقيقة وينشرونها للمواطن لترتفع كلمته ويعلو شأنه بالحقيقة لتتحول الى نور ساطع اذا انتشر اختفى الظلام والظلمة وانتشرت مفاهيم العدالة الاجتماعية , فكما لا
الافراد لا تسلب حقوقهم ولا يتعدى اللصوص على امتعتهم الا في ظلام الليل الحالك فكذلك شأن الشعوب لا تسلب حقوقها ولا يتعدى المسؤول الفاسد على املاكها لالا ادا كانت الحقيقة مجهولة فيها وهي عائشة في جهل وظلام ولذلك من يحرص على الحياة في سعادة وهناء وسلام حرص على أن يمتلئ قلبه بقوة الايمان بدينه ووطنه واذا امتلأ القلب بالأيمان طردت المخاوف وابتعد القلق وإذا تمثلنا مبادئنا وقيمنا واهدافنا الوطنية وقيمنا الانسانية العليا قطعاً سنصبح كربان ماهر يقود السفينة في بحر الحياة المتلاطم ليخرجنا الى بر الامان .
ولا غرو بأن نهمس في اذن كل من ينعتنا بالتطرف لحبنا لجنوبنا الحبيب ولعاصمتنا عدن الحبيبة نقول لهم مهما نحبهما فلن يبلغ هذا الحب الدرجة التي يدعو اليهما جمالهما وتاريخهما العظيم اللائق بهما ونقول لكل اللائمين والحاقدين عليهما : انظروا الى عاصمتنا عدن الأبية أنظروها واسألوا الزائرين لها من اطراف الارض هل خلق الله وطنا اغلى مقاماً واسمى مكاناً واجمل طبيعة وشواطئ واثاراً واغنى تربة وأصفاء سماء واعذب ماء وموئل للحب من هذا الوطن العزيز؟ اسالوا العالم كله يجبكم بصوت واحد ان عدن جنة لدينا وشعبها الذي يسكنها ويتوارثها اكرم الشعوب واعزها وسيرتكب ابشع جناية عليها وعلى نفسه من يتسامح في حقها.