الإنسان وعشق التراب

الإنسان وعشق التراب

قبل سنة
الإنسان وعشق التراب

كتب/عبدالحميد الأعجم

رابط الإنسان بالأرض رابط وثيق منذ قديم الأزمان،حيث كانت الأرض مصدر العيش الرئيس عند الآباء والأجداد ،يحرثونها ويهبونها كل وقتهم ،لكننا اليوم صرنا في زمن آخر ولم تعد الأرض مصدر عيشنا إلا ماندر ،فشحة الأمطار وارتفاع المشتقات النفطية حالت بيننا وبين الأرض الزراعية ،فاستبدلنا الأرض بمصادر أخرى للعيش كالتجارة ،والوظائف الحكومية وغيرها من مصادر الربح السريع.
قد يقول قائل مالنا وللأرض فلم تعد مربحة في هذا الزمن لكن مهما يكن من أمر فهناك حنين في أعماق الروح لتراب الأرض ،حنين لايؤمن بمبدأ الربح والخسارة لأنه حنين الإنسان إلى منبته الأول ،حنين إلى التراب الذي خُلقنا منه وإليه سنؤوب في آخر المطاف .
حينما تضيق نفوسنا نزور المنتجعات السياحية من شواطئ وحدائق فنشعر بالراحة ولكن أين هي من راحة الفلاح الذي يجلس مفترشاً تراب أرضه ؟!،يشتم رائحة التراب حين يمتزج بمياه الأمطار ،رائحة لايستوعبها إلا من عايش هذه اللحظة ،رائحة لايعدلها عِطر ولا مِسك ،يجلس ومن حوله الزرع والحشائش والأطيار تتغنى بأهازيج الفرح استبشاراً بموسم الأمطار ،كل فلاح حينها يشعر وكأنه ملك ولكن في مملكة الطبيعة ،الطبيعة التي أسرت الشعراء الرومانسيين ،وهذا أحد الشعراء الرومانسيين في فرنسا (فيكتور هوكو ) توفيت ابنته الصغيرة بعد أن غرق بها الزورق في نهر (السين) فحزن لفقدها حزنا شديدا ،واختفى عن الناس ولجأ إلى الطبيعة أياما ثم عاد فرحا مسرورا فقد وجد في الطبيعة عزاءه ،وغسل في مياه الأنهار أحزانه.
إنها دعوة للعودة إلى الأرض ،فقد سئمنا زمن الحروب .. رائحة البارود.. صوت الرصاص ... فدعونا نشتم -ولو قليلا- رائحة التراب، ونشنّف أسماعَنا بتغاريد الطيور :

اعطني النايَ وغنِّ 
فالغناء سر الوجود

وأنين الناي يبقى
بعد أن يفنى الوجود

هل اتخذتَ الغابَ مثلي
منزلاً دون القصور؟!

فتتبّعتَ السواقي 
وتسلّقتَ الصخور ...

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر