ربما كانت مصطلح المقاومة والممانعة اهم تبريرات نظام طهران للدور المكثف الذي لعبته في المنطقة العربية والذي بلغ أوجه في أعقاب ثورات الربيع العربي من خلال صناعة مليشيات داخل الدول المستهدفة خارج القانون والدستور والمرئيات الناظمة للحياة السياسية وهو المصطلح _ اي المقاومة _ الذي يعبر ذاته عن خلل عميق في المرجعيات اللغوية ليس للدور الإيراني فحسب بل وللثورة الإسلامية برمتها وهي التي اندلعت منذ العام 1978 بخطاب ديني صرف لكنه افتقر في توصيف حالة الدفاع عن المقدسات والأوطان للدقة وذهب ليخطف شعارات " الاغيار " من العلمانيين والقوميين واليساريين الخ وهو في خصام عنيف معهم على الدوام
لايحتاج الأمر إلى كثير من الذكاء لنعرف أن المقاومة هو مفهوم علماني حداثي يرتبط بالقانون والدساتير والمواثيق الإنسانية وهي التي شرعنته وصنفته في باب حقوق الإنسان وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها ورفض الاحتلال أو الانتقاص من سيادة البلد وهو حق اصلي لكل الشعوب باختلاف الأديان والأجناس والأعراق
في الموروث الديني يتخذ الجهاد في سبيل الله حيزا كبيرا من الاهتمام يصل إلى اعتباره ذروة سنام الدين وكان بإمكان طهران أن تستمد منه مفاهيمها لتصدير الثورة رغم أن نمط التزام المذهب الرئيس في إيران بمصفوفة من شروط العلاقة مع الجوار قد أعاقها إلى حد بعيد
والصحيح أن العلمانية لاتعترف بمفهوم الجهاد في سبيل الله كما لا تعترف الدول الدينية بالمقاومة أو يفترض ذلك فالجهاد لايتقيد بفكرة الدولة والمؤسسات والقانون الدولي وقد يعتبر الهدف منه " فتح " الدول وهداية الشعوب أما المقاومة فهي رد العدوان فحسب
ربما يكون هذا أحد التناقضات التي تلغم فكريا المشروع الخميني وتطرح التساؤلات على مقدرته على المواءمة بين طبيعته الدينية وتحديات العصر الراهن تماما كمفهوم " الجمهورية الإسلامية" التي اخترعنها المؤسسة الدينية في إيران في محاولة مشوهة للتوفيق بين الأصالة والمعاصرة
انها تناقضات مستفزة وفاقعة خاصة حين تنتدب طهران كثير من الشباب العرب تحديدا ليكونوا حطب المحرقة ويخوضوا الحروب بدلا عنها وليس لهذا تفسير سوى أن طهران تقاول وتقطف الثمار والعرب يقاومون بلامعنى.