الصورة من حادثة استهداف محافظ عدن الاحد الماضي
صنعاء /العرب / صالح البيضاني
أثار تبني داعش لاغتيال محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد شكوكا حول دور التنظيم في إضعاف موقف الشرعية اليمنية في المفاوضات المرتقبة بسويسرا يوم 15 ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا في وقت تعمل فيه الأمم على عقد هدنة إنسانية دون شروط مسبقة ما قد يوفر للمتمردين الوقت الكافي لإعادة ترتيب أوراقهم، ومحاولة استثمار هذه الهدنة في إعادة التمركز وفرض طلبات جديدة.
وبعد سلسلة من الإخفاقات في تقريب وجهات نظر الفرقاء اليمنيين وجمعهم على طاولة واحدة تكللت زيارة المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى مدينة عدن ولقائه بالرئيس عبدربه منصور هادي بالإعلان عن موعد انطلاق مشاورات جديدة.
ومع اقتراب عقد أي مؤتمر يتعلق بالملف اليمني يزداد المشهد سخونة على الأرض في محاولة لتعزيز الموقف التفاوضي بإحراز التقدم ميدانيا أو السعي لخلط الأوراق وهي اللعبة التي يقول مراقبون إن الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح يجيدها بإتقان.
ويصعد الجيش الوطني مسنودا من التحالف العربي من ضغطه العسكري وخصوصا في محور الجوف في الوقت الذي تتزايد فيه الهجمات التي تنفذها ميليشيا الحوثي وقوات صالح على المناطق الحدودية.
وتوجه بعض الأطراف السياسية أصابع الاتهام لصالح والحوثيين بالوقوف خلف زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظات الجنوبية، معتبرين أن اغتيال داعش لمحافظ عدن هدفه إظهار الحكومة في موقع العاجز وإضعاف موقفها التفاوضي في سويسرا.
وتساءل الباحث والمحلل السياسي عبدالباقي شمسان “لماذا كلما باتت الشرعية في موقع قوة يتم تنفيذ موجة اغتيالات وآخرها اغتيال محافظ عدن وظهور داعش الأمر الذي امتص جزءا كبيرا من الموقع التفاوضي للسلطة الشرعية وشكك في قدرتها على بسط نفوذها؟”.
ولم يستبعد في تصريحه لـ”العرب” أن يكون ظهور التنظيم المتشدد بشكل مفاجئ وتنفيذه للاغتيالات عملا مدروسا ومصطنعا”.
عبدالباقي شمسان: ظهور داعش بشكل مفاجئ في عدن عمل مدروس
واعتبر محللون وخبراء أن السلطة الشرعية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في عدم مسارعتها إلى ملء الفراغ الأمني في المناطق المحررة.
وقال المحلل السياسي منصور صالح لـ”العرب” إنه “مهما تكن الجهة التي تقف خلف تقويض الأمن في المحافظات المحررة فالمستفيد الأول هو ميليشيات الحوثي وصالح التي تحاول منذ زمن أن تسوق للعالم أن حربها في اليمن هي حرب على الإرهاب”.
وأضاف أن هذه الميليشيات ستعمد إلى استثمار كل هذه الأحداث دون شك لدعم حججها، وتعزيز موقفها التفاوضي في اللقاء المرتقب بسويسرا”.
وكان محمد عبدالسلام، الناطق باسم الحوثيين، قد سارع إلى استغلال تحركات القاعدة وداعش، معتبرا أن الحوثيين كانوا هم الطرف الوحيد الذي يحول دون سقوط تلك المدن في قبضة الجماعات الإرهابية.
ويرى المحلل السياسي منصور صالح أن “توفير الأمن في المناطق المحررة يتطلب بدرجة أساسية إرادة ورغبة سياسية، ثم إسناد هذه المهمة إلى المقاومة، والاستفادة من أجهزة الشرطة المحلية.
وسارع الرئيس عبدربه منصور لإصدار سلسلة من القرارات وصفت بأنها خطوة مهمة على طريق سد الفراغ الأمني في عدن من بينها تعيين اثنين من أبرز قادة الحراك الجنوبي الأول عيدروس الزبيدي محافظا لعدن والثاني شلال شايع مديرا لشرطة عدن.
وبحسب مراقبين تعد هذه الخطوة بمثابة إعلان حرب على الخلايا الإرهابية في عدن نظرا للحزم الذي يعرف عن هذين الشخصين.
وتعد الاختراقات الأمنية وخصوصا في عدن إضافة إلى الخلاف في صفوف الجبهة السياسية للشرعية أبرز نقاط الضعف التي يسعى الحوثيون لاستغلالها مع الإعلان عن موعد الجولة الجديدة من مشاورات السلام اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة.
وكانت “العرب” قد كشفت في وقت سابق عن ضغوط دولية في سبيل إنجاح المفاوضات ودفع الأطراف إلى التوافق حول مسودة الاتفاق قبيل الذهاب إلى طاولة المشاورات.
وأكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” أن المبعوث الدولي عمل خلال مشاوراته على بناء بوادر حسن النية بين الفرقاء.
وأكد المصدر أنه من المرجح أن يتم الإعلان عن هدنة إنسانية من طرف الحكومة اليمنية والتحالف العربي مقابل قيام الحوثيين بإطلاق السياسيين المحتجزين لديهم وعلى رأسهم وزير الدفاع وشقيق الرئيس هادي والبدء بالانسحاب من المدن وفقا للقرار 2216.
وأعلن ولد الشيخ أحمد أمس أن محادثات سلام بين أطراف النزاع في اليمن ستعقد في سويسرا في 15 ديسمبر الجاري.
وأضاف أنه شبه متأكد من إعلان وقف لإطلاق النار قبل المباحثات التي لن تعقد في جنيف بل في مكان آخر بسويسرا.
ويؤكد عبدالباقي شمسان وجود رغبة دولية لإغلاق الملف اليمني، معتبرا أن الضغوط الدولية للذهاب إلى التسوية تهدف في جزء منها إلى المحافظة على الحوثيين كطرف رئيس في المشهد السياسي بحيث يلعب هذا الطرف دور الوكيل المحلي لمواجهة ما يسمى بالقاعدة وداعش.