تتابع خطوات الأوضاع السياسية العاصفة في العاصمة اليمنية صنعاء بشكل غير مسبوق تداعت من خلالها أركان الدولة الهشة المبنية على أساسات من الورق.
انهارت الدولة ومعها غاصت مؤسساتها في وحل الضياع والانكفاء والإقامة الجبرية، فالرئيس عبدربه منصور هادي أجبر على الاستقالة، وأخذ معه رئيس حكومته خالد بحاح، واحتلت مليشيات جماعة الحوثي العاصمة (القرية) صنعاء، وعاثت فيها خراباً وفزعاً واستعراضاً لقانون القوة، امتثالا لتعليمات السيد (المسخ) عبد الملك الحوثي إمام (خراب) الدولة اليمنية الجديدة.
على ضفة الأحداث الأخرى (جنوباً) تقف القضية الجنوبية في موقف أشبه بالرثاء لحالها، بعد أن نهش في عظامها مصاصو الدماء و (البلاطجة) وأصحاب المصالح الضيقة، وعلى الرغم من توفر كل العوامل والمسببات لفرض شروطها وهيبتها على اليمن والإقليم والمجتمع الدولي، في ظل غياب السلطة المختطفة، أبى (العهر) السياسي ليكون لها بالمرصاد، فقياداتها الفاشلة الهرمة التي (شاخت) و (باخت) تركت الفرصة تتراوح أمامها دون حسم، لعلها بانتظار السيد المسيح أو المسيح الدجال!!.
أشفق على جنوبيين كثر دفعوا حياتهم ثمنا لقضيتهم العادلة، وجرحى امتلأت بهم مستشفيات الداخل والخارج، بينما (يرقص) القادة على دمائهم وجراحاتهم، غير مكترثين بما حل بهم من أذى في سبيل الانتصار لذواتهم الأنانية المريضة، واللهث خلف تشكيل المكونات والكيانات الهلامية التي تضر أكثر مما تنفع لتزيد وجع الخلاف والاختلاف.
تحدثت مع أحد الزملاء في خضم فعالية مليونية احتضنتها حاضرة محافظة حضرموت وعروس البحر العربي (المكلا)، وقلت له: "لو قدر لهذه الجبال ان تنطق لقالت هذا أعظم شعب في الكون..ابتلى بقيادات بلهاء، ومازال متمسكا بحبالها البالية، وخرج الشعب يحمل صورها ويجتر التاريخ متناسياً أن هذه القيادات (الديناصورية) أذاقته المر والعلقم، بدءً بتجربة الحكم، وما خلفت من تصفيات دموية بين الإخوة الرفاق، وانتهاءً بالدخول في وحدة (انتحارية) مع طرف فاتح فاه لالتهام الأخضر واليابس النابع من عقلية الفيد والنهب في اللا دولة، وهو ما تم بعد أربع سنوات من الوحدة بالانقلاب على الوحدة السلمية بحرب صيف 1994م على الجنوب.
على الجنوبيين إذ أرادوا تحقيق حلمهم المنشود بدولتهم أن ينتفضوا من حالة السلبية ويخرجوا من عباءة (عبدة الكراسي) على حساب شعبهم الصابر، ولا أعتقد أن (قيامة الجنوب) آتية إذا ما ظل هذا التقديس المفرط لقيادات لا تعرف عن السياسة سوى اسمها ونفخ (السيجار)، ورحم الله السياسي المحنك الشهيد فيصل عبدا للطيف الشعبي.