( الوقت ليس مناسبا لاستعادة الجنوب لدولته بسبب تشتت قياداته وانعدام اسباب النجاح الأخرى) . هذا الكلام الذي يردده البعض من الشماليين وبعض من الجنوبيين على حد سواء فيه نوعا من الصحة الى حدٍ ما. ولكن وبرغم ان هذا القول لا يعدو أكثر من كلمة حق اُريد بها إعادة انتاج احتلال الجنوب بصورة مختلفة نقول بالمقابل إن الوقت أيضا ليس مناسبا لتقسيم الجنوب وتمزيقه بقرار شمالي وبأدوات جنوبية تبحث عن تحسين وضعها بسلطة الحكم في صنعاء وتقدم الجنوب قربانا على بوابة مذبح الصراع على كراسي الحكم هناك, بل وتتخذ منه وسية ضغط وسلاح ابتزاز بوجه الخصوم بصنعاء.
فان كان الوقت غير مناسب لاستعادة دولة الجنوب فلا يمكن ان يقبل إنسان عاقل هو حريص على الجنوب أرضا وإنسانا ان يكون البديل هو تقمسيه شذر مذر. فتقسيم الجنوب واذابته من جديد ضمن واقع الوحدة القهرية التي انتجتها حرب 94م وتحت مظلة مشروع الاقاليم هو حلا ليس للقضية الجنوبية بل لمشكلة الشمال ومشكلة الصراع على السلطة هناك بوجه التحديد. اما ان نقول ان تقسيم الجنوب هو حلا لمطالب شعب الجنوب الذي يطالب اغلبيتهم باستعادة دولته فهو قول سخيف ويثير الشفقة على اصحابه, إذ كيف يكون مشروع التقسيم بديلا عن مطلب استعادة الدولة؟ . فمشروع التقسيم لا يعني فقط انه لا يقدم حلا للقضية الجنوبية بل انه يضاعف المشكلة ويزيدها تعقيدا وهو محاولة بائسة للتخلص منها بصورة فجة ومستفزة.
فمشروع الاقاليم كما اسلفنا قد يكون حلا ناجعا لمشاكل الشمال وخصوصا اليمن الأسفل (تعز- إب -والحديدة) كونه سيكون مشروعا يرخي القبضة القوية لصنعاء على هذه المناطق المظلومة تاريخيا, هذا في حال افترضنا انه سيكون مشروع فيدرالية بمفهوم الفدرالية التي يعرفها العالم وليس مشروع مسخ مشوه, مع ان كل المؤشرات تشير الى انه سيكو في حال ان تم تمريره عنوة عبارة عن عملية اعادة تقسيم إداري للجمهورية اليمنية, وخير دليل على ذلك من يقرأ كل الأوراق والوثائق التي خرج بها مؤتمر الحوار, فكل هذه الأوراق تمسخ معنى الفدرالية وتنسفها نسفا, ويظهر ذلك جليا بفقرات موجودة بمشروع الدستور الذي قيل انه جاهز للطبع.!
وبالتالي نقول ان من يبحث عن صورة الحقيقة يجب ان يظهرها مكتملة بكل تفاصيلها ومساحتها وليس إظهار جزء منها وإغفال الجزء الآخر عمدا لغرض تضليل وتدليس الآخرين وبالأخص قليلي الفهم والاطلاع من الشعب بالجنوب.!