فراقٌ متوقع

فراقٌ متوقع

قبل 9 سنوات

 ما يجري اليوم على الساحة الجنوبية من تراشق إعلامي وتبادل للاتهامات بين القوى التي شاركت بالحرب مؤخراً ضد القوات الشمالية الموالية لحركة الحوثي وقوات الرئيس اليمني المنصرف علي عبدالله صالح, وعلى وجه التحديد قوى الحراك الجنوبي وحزب الإصلاح وجماعة السلفيين وغيرها من الجماعات الدينية, تعتبر نتيجة متوقعة  الحدوث بعد تحالف عسكري وسياسي مرحلي فرضته الظروف بوجه خصم مشترك (صالح والحوثي). فبمجر زوال المصالح تعود العداوة  مجدداً. وبالتالي لا داعي لتصوير الأمر على انه صدمة سياسية ودهشة عصفت بالعقل الجنوبي , أو أنه منحدر خطير يسير اليه الجنوب. فالثورة الجنوبية وهذه القوى لا يجمع بينها أي جامع ,ولا يضمها أي مشروع سياسي أو وطني ولا تتقاطع  مصالحها بأدنى درجات الالتقاء, غير عدائها للخصم المذكور أنفا صالح والحوثي. والحرب المؤجلة بين  شركاء تحسبهم جميعا وقلوبهم شتّـى هي  حربٌ متوقعة الحدوث بأية لحظة, ولو حربا إعلامية ودينية على الأقل.

         فالحراك الجنوبي( الثورة الجنوبية ومقاومتها الشعبية) حاربت لهدف واضح وصريح, وهو إخراج الاحتلال اليمني من أرضه, بصرف النظر عن الانتماء السياسي أو الطائفي لهذه القوى  التي تحتل أرضه وتحارب شعبه, وبصرف النظر ان كانت هذه القوى هي الحاكم الشرعي أو الانقلابي بصنعاء. أي أن الغرض من  هذه  الحرب من وجهة نظر جنوبية هو غرض وطني تحرري, لا علاقة له باي تفسير آخر مثل وصف الحرب على أنها حرب دينية  طائفية بين شيعة وشوافع, أو حرب شرعية وانقلابين.!

     والجماعة السلفية ومعها جماعات دينية أخرى وأن لم تكن جميعها على وفاق تام فكريا وعقائديا  فقد كانت مشاركتها بهذه الحرب منطلقة من نزعة دينية وطائفية بحتة. ولا تعترف بشيء اسمه جنوب أو ثورة تحررية أو ما شابه ذلك من مفردات وطنية  وسياسية لا تعدو في نظر هذه الجماعات أكثر من بدع وضلالة وشق عصاء الطاعة ومعصية سافرة.

- وحزب الاصلاح ,الشريك الآخر بهذه الحرب كانت مشاركته تنطلق من رغبته بالعودة الى الحكم مرة أخرى, مستفيدا من الخصومة الخليجية مع جماعة الحوثي وصالح ومن الضربات الجوبية والدعم الخليجي السخي, ومن دور الجماعات المتشددة التي تناصب الحوثيين العداء العقائدي, ناهيك عن محاولاته الذكية في توظيف القضية الجنوبية لأضعاف خصومه, ومن الخطأ التاريخي الذي ارتكبه الحوثيون وصالح بدخولهم العسكري الى الجنوب -وإن كان هناك تواجد عسكري اصلا منذ عام 94م - وغيرها من الظروف التي ساعدته -أي حزب الاصلاح- بهذه الحرب ورفع مؤشر ترمومتر الأمل لديه بالعودة مجددا الى سدة الحكم. نجح  الى حد لا بأس به من الاستفادة من هذا الكم من الأدوات التي أكرمته بها الظروف وجادت بها الصدف, ولو الى حين.!

     وعلى ما تقدم نقدر نقول ان بقاء علي عبدالله صالح والحوثيون بحكم صنعاء يعني بقاء غرماء الجنوب عام 2015م بالحكم. وعودة حزب الاصلاح الى الحكم معناه عودة الغريم الرئيس للجنوب بحرب 1994م مرة أخرى الى الحكم. فلا فرق بينهم بالعين الجنوبية, فكلهم بالحرب شرق.   والاعتماد على الذات هو الحل. فأعدل الشهود التجارب. وكفى.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر