العنوان هو سؤال ظهر بقوة ويفكر به كل انسان عربي، لماذا كان تدخل العرب والخليج ضرورة لابد منها ؟ . هذا السؤال يمكن للواقع ان يختزل اجاباته بعبارات قصيرة، فالتدخل العربي الخليجي في اليمن شمالها وجنوبها، ومن خلال القصف الجوي، كان خياراً وحيداً أوحد، لمواجهة الغرور الحوثي المسنود بغرور اكبر منه من قبل الرئيس اليمني المخلوع " صالح " .
فبعد ان سيطر ( الحوافش – ويعني اتباع علي عبدالله صالح عفاش والحوثيين ) على صنعاء واخذهم الصلف الى الاعتداء على مؤسسات ما كان متبقي من دولة بصنعاء، حتى وان كانت تحتل الجنوب، لكن ذلك كان في أعلى صورة ربما بعيد الضرر، لكن ان يتم توسع ( الحوافش ) بفعل الغرور ليقتحموا الجنوب، وبالأخص عدن بحجج واهية، والتي يرابط بها الرئيس اليمني " هادي " بعد خروجه من صنعاء التي كان فيها تحت الاقامة الجبرية .. ذلك يعني ان تلك المليشيات ( الحوافشية ) قد اخذتها العزة بالإثم وباتت لا ترى ان في الارض من كائن غيرها، وليس ذلك لانتهاكها خصوصية الشعب الجنوبي فقط، بل ووصولها لتهديد الدول العربي والخليجية من خلال توسعها الى " باب المندب " المضيق العالمي الهام والمتنفس الوحيد لدول الخليج والدول العربية لاسيما مصر العربية .
وكثيرا ما تحدثنا وكتبنا، وناشدنا وصرخنا، ان أي سقوط لمدينة عدن بأيدي المليشيات الطائفية التي يسندها صالح بقوات الحرس الجمهوري والامن المركزي، سيكون بمثابة البداية لخنق دول الخليج ومصر والعالم العربي من قبل ايران، وحصار تلك الدول العربية لإخضاعها للرغبات والنزغات الايرانية المتهورة .
ولم تكن الأمور تسير في المعقول او وفق المنطق، ليس منذ السنوات الاخيرة فقط، بل ومنذ فشل مشروع الوحدة اليمنية بين دولتي الجنوب والشمال، وخاصة بعد تحول الدولة التي كانت منشودة بالوحدة، الى دولة عصابات وفيد ونهب وسطو واقصا وتهميش وقتل ودماء بريئة تزهق في كل مكان من الجنوب او حتى في الشمال .
كل هذه التراكمات، أوجدت الغياب الفعلي للدولة، وترسخت القوة والعصبية في الحكم القهري، وتفحش النافذين في صنعاء من اتباع " صالح " وحلفاءه من قوى الفيد والديكتاتورية . وبالتالي كان الوضع يسير نحو الكارثة الحتمية نتيجة كل الممارسات والافعال التي يقوم بها صالح وقوى النفوذ من شمال الشمالي اليمني .
مؤخراً، استفحلت الأوضاع، وزادت المخاطر، ولم تعد تهدد الجنوب او الشمال فقط، بل وصلت لتهديد الامن القومي العربي، وبالأخص دول الجوار في الخليج التي طالما صبرت على حماقات شمال الشمال بقوه القديمة المتمثلة بــ" صالح " او الجديدة المتمثلة بــ" الحوثيين " .
كل هذا التهديد وكل هذا العدوان على مصالح الدول العربية والعالمية، في باب المندب جعل دول الخليج أمام خيارين لا ثالث لهما وهما :
الاول : إما السكوت والصمت وبالتالي وصول التهديدات الى داخل اراضيها وتهديد امنها القومي وسكينتها وكينونتها كدول كانت تتحاشى الخوض في حروب مباشرة مع اطراف تهددها، وهو ما قد يحاصرها اقتصاديا وسياسيا بل وميدانيا، ويسقط انظمتها وموقعها في الخارطة العالمية لصالح المشروع الايراني .
والثاني : التدخل العسكري الحتمي الذي لابد به، بعد فشل كل الجهود السياسية السلمية، وذلك ليس لإنقاذ اليمن مما هو فيه شمالاً وجنوباً، بل ولإنقاذ دول الخليج وامنها القومي وكذلك الامن القومي العربي، من خطر داهم يتجه لحصار دول الخليج من باب المندب، الذي تسارعت وتيرة ( الحوثيين المدعومين من ايران ) للسيطرة عليه لإخضاع السعودية ومصر ودول الخليج عبره .
وبعد كل ما يحدث اليوم من انتفاض عربي خليجي، بوجه المليشيات الحوثية المتحالفة مع الرئيس المخلوع " صالح " التي عبثت باليمن شمالها، وتوجهت لتجديد عبثها بالجنوب مرة اخرى بعد ان عبث به نظام صالح وحلفاءه من غزو الجنوب الاول عام 94م .
وبالنسبة للتدخل الخليجي في اليمن، والحديث عن السيادة الوطنية، فالأمور هنا لا تحتاج الى العودة لسيادة اليمن، لكون اليمن فقدت سيادتها منذ اول تدخل جوي امريكي في مأرب بعد العام 2003م ابان نظام صالح، وهو من حطم السيادة الوطنية، وجعل اليمن بلداً تهدد الأمن والسلم العربي بدعمه للمليشيات المسلحة واعمال الارهاب والعنف والتهريب للمخدرات والسلاح الى اراضي دول الجوار، وكان لابد من تدخل عربي شقيق لإنقاذ اليمن التي تغرق في الكارثة، وتجر معها دول الجوار الى الغرق .
ولكون العرب هم لحمة واحدة مع الجنوب واليمن، فالتدخل العربي كان لابد منه، بعد ان اخترقت ايران كل الحواجز والحدود، وغدت تعمل جهارا نهارا على زعزعة امن واستقرار دول العرب، من خلال اتباعها باليمن شمالاً، ومحاولة فرض امر واقع والمسارعة لإسقاط الجنوب ايضاً .
وختاماً : فالحديث عن التدخل العربي الخليجي في اليمن والجنوب، سيظل حديث الاروقة السياسية ومراكز القرار، لكنه في حقيقته، يعد أهون الضررين والحاجة له كانت ملحة لإنقاذ اليمن شمالها وجنوبها، وكذلك الانقاذ المبكر وتلافي الامور من قبل الخليج للحفاظ على امنه واستقراره وسيادة دوله العربية .