طالما أثبتت الشواهد التاريخية أن حزب الله ليس إلا واجهة حقيقية تمثل سياسة إيران داخل المنطقة العربية أكثر من أي شيء أخر ، كما أن حزب الله ينظر باهتمام بالغ إلى مشروع الثورة الإسلامية الخمينية الإيرانية ويحرص جيدا على التقيد به والمضي بإخلاص في تنفيذه على المستوى الإقليمي والعالمي ؛ وذلك أكثر من اهتمام الحزب وحرصه وإخلاصه لأتفاق الطائف الحامل الأساسي للبنان ومستقبله والمعبر الحقيقي لكل فئات وطوائف وأحزاب الشعب اللبناني.
وقد أعلنها صراحة السيد حسن نصر الله في خطاب له سابق قائلا " إنه لمن الفخر والاعتزاز لنا أن نكون تحت حكم ولاية الفقية ". ماذا بعد ؟ هل يمكن لأي مواطن عربي أن ينظر إلى قرار المملكة العربية السعودية الأخير المتعلق بقطع مساعداتها العسكرية للجيش اللبناني على أنه قرار خاطئ وعبثي وعشوائي ؟ أعتقد جازما أن الممكلة العربية السعودية وبصفتها الراعية الرسمية لاتفاق الطائف بشأن لبنان قد أتخذت قرارا حكيما وعروبيا بامتياز ؛ وقد أثبت مدى أهمية هذا القرار في العمق اللبناني نفسه إذ تبعه تقديم وزير العدل اللبناني استقالته من الحكومة اللبنانية للسبب ذاته.
يمكن القول إن حزب الله أصبح اليوم أمام اختبار صعب وحساس جدا ؛ اختبار يتعلق بالإنتماء والهوية ؛ وليس أمام السيد حسن نصرالله إلا أن يختار أحد الأمرين إما أن يكون جزء حقيقي من لبنان وهويته العربية أو أن يكون جزء من مشروع الثورة الخمينية وعبدا مطيعا لحكم ولاية الفقية. وإن من الأفضل للسيد نصر الله أن يعي تماما أن لبنان يجب أن تكون لكل اللبنانيين وليس لفئة أو حزب أو طائفة؛ وأن تظل الهوية اللبنانية هوية عربية في كل الأحوال والظروف.