ياقبلة انزلي عند سعيد !

ياقبلة انزلي عند سعيد !

قبل 7 سنوات

 عاد الوفد الحكومي إلى مشاورات الكويت، السبت. عودة كانت مؤكّدة لا محالة، وما تأخّرها يوماً واحداً عن الموعد الرسمي لانطلاق المرحلة الثانية من المشاورات، إلّا حفظاً لماء وجه الرئيس هادي. الوفد الحكومي برّر عودته إلى الكويت بحصوله على ضمانات خطّية من قبل المبعوث الدولي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. تبرير، باعتقادي، يبشّر بمزيد من الفشل. فالمبعوث الدولي إلى اليمن لا يمكن له، إجرائيّاً، توقيع التزام مكتوب، يلزم طرفاً في مفاوضات يخوض فرقاؤها حرباً ضروساً، خلّفت ولا زالت آلاف القتلى والجرحى، بشيء ما.

يُحكى أن خادما لأمير الضالع إبّان حقبة الإستعمار البريطاني، شعفل، يُدعى سعيد، تخاصم يوماً وزوجته قبلة، فذهبت الزوجة غاضبة إلى منزل الأمير وأقامت فيه. طال الوجد وضنى البعد بسعيد، فقرّر مراجعتها. فكان يأتي الأمير، يوميّاً، قاطعاً مسافة طويلة، طالباً من الأمير استعادة زوجته. وكان ردّ شعفل اليومي: "سننظر في أمرك لاحقاً". إستمرّ الحال كذلك لأسابيع، حتّى ضاق الحال بسعيد، وصمّم يوماً على ألّا يعود إلى منزله إلّا بزوجته. وأمام الأمير الذي أجاب سعيداً بجملته المعتادة: "تعال غداً، سننظر في أمرك"، ردّ سعيد هذه المرّة بقوله: "يا أمير لا أطالب بتنصيبي وزيراً لك، كلّ ما أريده فقط أن ترفع صوتك وتنادي (يا قبلة انزلي عند سعيد)". ونفّذ الأمير طلب سعيد، وقبل أن يكمل الأمير جملته منادياً: يا قبلة... حتّى وجد قبلة أمامه حاملة متاعها. وأضحت العبارة، من يومها، مثلاً شعبيّاً يُضرب في سرعة البتّ بالقضايا، بلا تعقيد أو مماطلة أو تسويف.

الشاهد والرابط بين عودة الوفد الموالي للرئيس هادي إلى مشاورات الكويت، وعودة قبلة إلى زوجها سعيد، الوضوح والجدّية في البتّ بالقضايا. صفات كان حرّيّاً بالوفد الحكومي التحلّي بها، إن أراد من الناس الوقوف معه ودعمه.

اللفّة الطويلة العريضة، والممانعة المفضوحة، وحلف الأيمان المغلّظة باتّخاذ موقف مقاطعة المفاوضات من قبل وفد الشرعية، كان يمكن أن يُؤتي أكله مكاسب سياسية وشعبية، إن صدق الوفد وصمّم على موقفه. فالسياسة ليست، دائماً، "فنّ الممكن"، كما يردّد كثيرون، بل إن سلوك طرق سليمة نقية للوصول إلى الأهداف أنجع وأبقى، حتّى في السياسة.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر