رفعت الخروقات الحوثية الأخيرة لاتفاق السويد، الغطاء عن حالة انقسام داخلية تضرب صفوف الانقلابيين، حول الأهداف النهائية للصراع في اليمن، وما أعقبها من إزاحة الستار عن المناورات السياسية التي يحاولون التخفي وراءها، بحسب دراسة أمريكية.
ويرى مركز برنستاين لشؤون الخليج وسياسة الطاقة بواشنطن، في دراسة للباحثة المتخصصة في شؤون اليمن، إيلانا ديلوزيي، أنه في الوقت الذي لا تزال الأهداف الاستراتيجية النهائية للحوثيين غامضة؛ فإن الشكوك تدور بقوة حول إذا ما كان الانقلابيون أنفسهم يعرفون الهدف النهائي للحرب.
وفي المقابل، تبدو الأهداف واضحة لتحالف دعم الشرعية في اليمن، وعلى رأسها تمكين الرئيس الشرعي للبلاد من ممارسة سلطاته، ووقف النفوذ الإيراني الخبيث في هذا البلد عبر شريكها الحوثي، وفقًا للباحثة إيلانا.
التخبط والانقسام
الدراسة أزاحت الستار عن الكتل المكونة للانقلابيين، لاسيما ما تسمى بجماعة "أنصار الله" باعتبارها الكيان السياسي لعائلة الحوثي، وحتى في جوهرهم الإيديولوجي، وينتمي أفرادها إلى طيف بين عدة معسكرات متنوعة بعضها شديد التطرف، وأغلبها يعتنق الأفكار الثورية الإيرانية.
وتجعل هذه الفصائل المتشددة مهمة التوصل إلى اتفاق سلام مستقر "صعبة"؛ لكنها تظل غير مستحيلة.
الدور الإيراني والسلاح
وما بين هذا وذاك، يظهر الدور الإيراني في اليمن كوقود يحاول إطالة عمر نيران الصراع، دون وضوح رؤية مشتركة؛ ما يعكس حالة عبثية؛ ففي الوقت الذي تزايد فيه اهتمام طهران بهذا الملف فإنه لم يحظَ أبدا بأولوية مثل العراق أو سوريا، وفقا للدراسة.
وتحدثت الدراسة عن أنه رغم تزويد نظام ولاية الفقيه للانقلابيين ببضعة صواريخ؛ فإن قدرة طهران على زيادة مساعداتها غير العسكرية للحوثيين تبقى محدودة؛ بسبب المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها نتيجة العقوبات الأمريكية.
وتتمسك الباحثة إيلانا بأن الحروب الـ6 التي خاضها الحوثي ضد حكومة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح بين عامَي 2004 و2010 في صعدة، جعلت الميلشيا تضم جميع أنواع الأسلحة، ولذلك فإن احتفاظها بالسلاح سيكون أمرا صعبا في مرحلة ما بعد الحرب.
وتستعيد الدراسة التذكير بالأهداف النهائية لتحالف دعم الشرعية في اليمن، وفي مقدمتها وضع حد لنفوذ إيران المتنامي في هذا البلد، وتوفير الاستقرار السياسي لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، ومنع التهديدات الحوثية لدول المنطقة بالصواريخ الباليستية، وتهديد الشحن الدولي في باب المندب، وجميعها أمور يتفق عليها المجتمع الدولي والولايات المتحدة .
إعادة الإعمار وتهميش طهران
ولا تخفي دراسة مركز برنستاين لشؤون الخليج أن مسألة مساعدات إعادة الإعمار ستكون "حساسة"، فحصول المناطق المتضررة على مساعدة من أطراف دولية، سيهمّش أي دور لطهران؛ إذ سيحتاج الحوثيون شريان حياة اقتصادي للمناطق الشمالية في مرحلة ما بعد الصراع.
ليس هذا فحسب؛ بل إن النظرة العالمية الراديكالية للحوثيين، باعتبارهم جماعة إرهابية متمردة، ربما لن تتغير بعد الحرب، خصوصا أنهم يعتبرون الولايات المتحدة بمثابة قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة، وأعداء الإسلام.
ويدرك عدد من قيادات المليشيا أن التسوية السياسية ستفتح بابا كبيرا لمشاركتهم مع جيرانهم في الخليج، بشكل يعود بفائدة على صعيد صورتهم أمام المجتمع الإقليمي والدولي، على حد سواء.