على هامش ذكرى ثورة سبتمبر

على هامش ذكرى ثورة سبتمبر

قبل سنتين

هناك ظاهرة تكاد تكون الغالبة في مسار التاريخ الحديث في اليمن، شماله وجنوبه، وتتصل بالاحتفاء بالمناسبات والأحداث التي يفترض أنها وطنية وتاريخية، ويجري القاء الخطب العصماء وتدبيج المقالات والبيانات والقصائد والمعلقات، ونسج القصص و(أحيانا) الأساطير عن هذا الحدث أو تلك المناسبة، دونما الالتفات إلى مفاعيل هذا الحدث وحصاد تلك المناسبة وما تركاه من بصمات أو آثار على صعيد التاريخ وعلى حياة الناس المحتفيين أنفسهم، والمقصود هنا ملايين البسطاء الذي يجَرُّون جرّاَ إلى ساحات الاحتفالات، مثلما لا يسأل أحدٌ إلى أين تتجه الأمور بكل ما له صلة بهذا الحدث وتلك المناسبة.

 

أقول هذا ونحن نعيش أجواء الذكرى الستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962م التي كان يفترض أنها قد جاءت لتخرج اليمن من طغيان تجاوز عمره الألف عام.

 

وبعيدا عن لغة القدح والمدح، ولغة التبجيل والتقليل يمكن التعرض للنقاط الأساسية التالية:

 

  • لقد انصرف السياسيون اليمنيون في البخث عن ثنائية السؤال هل ما جرى صبيحة 26 سبتمبر 1962م كان ثورةً أم انقلاباً، وما يزال الكثيرون يخوضون في هذه الثنائية البيزنطية بدلا من السؤال ماذا أحدث سبتمبر من التغيير في حياة اليمنيين، أو أين هو سبتمبر وماذا تبقى منه بعد أن سُلِّمَ رأسه لألد أعدائه في 21 من نفس الشهر في العام 2014م.

 

 

 

  • احتفت الكثير من المواقع الإعلامية التي تدعي أنها تمثل الشعب في الشمال بقرار الاحتفاء بذكرى سبتمبر في عدن، وكأن عدن هي من قامت ثورة سبتمبر ضدها أو كأن الشعب الجنوبي يحتفل بذكرى سبتمبر للمرة الأولى، ونسى الصبية القائمون على هذه المواقع (وربما لم يكونوا يعلمون) أن عدن ظلت وما تزال تحتفل بسبتمبر منذ العام 1967م وربما ما قبله بسنتين أو ثلاث ، وأن الموقف السلبي الأخير لبسطاء المواطنين الجنوبيين تجاه العلاقة مع صنعاء ليس ضد سبتمبر نفسه بل ضد خاطفي سبتمبر والمتشدقين باسمة طوال نصف قرن والذين شطبوه وشطبوا معه ثورة أكتوبر من سجل التاريخ عندما سلموا صنعاء للقادمين من كهوف القرون الوسطى.

 

 

 

  • وعوداً على بدء على النخب السياسية اليمنية، وخصوصاً تلك التي تدَّعي أنها من صانعى سبتمبر أو المتمسكة بمبادئه أن تتوقف بشجاعة، لتجيب على السؤال المر مرارة العلقم: لماذا أخفقت ثورة سبتمبر وآلت إلى هذا المآل المأساوي، وهل من الممكن بالفعل استعادة ما كان مشرقا ذات يوم من تاريخ سبتمبر.

 

 

 

  • إن انقلاب 5 نوفمبر 1967م قد مثل البوابة لإنهاء الحرب الأهلية اليمنية وإقامة المصالحة بين أنصار الجمهورية وأنصار الملكية، لكنه قد نقل الصراع، من صراع بين الجمهورية وأعدائها إلى صراع داخل الصف الجمهوري نفسه، واستمرت عملية التآكل داخل صفوف الثورة السبتمبرية لتؤول إلى ما آلت إليه ليلة 21 سبتمبر 2014م.

 

 

 

إن الاحتفاء بأي مناسبة أو ذكرى أو حدث لن يكون له معنى ولا قيمة إلا بمدى ملامسة هذا الاحتفاء لأحلام الناس وتطلعاتهم وما يمكن أن يمثل هذا الاحتفاء من مباهاة بالمنجزات التي تحققت والشوط الذي أمضاه الشعب على طريق الانقطاع الكامل مع مخلفات ما قبل الحدث المحتفى به، وبدون هذا فإن هذا الاحتفاء لا يختلف عن إحياء ذكرى شخصية تاريخية ممن قضوا نحبهم ولا يراد للناس أن ينسوا مكاناتهم ومقاماتهم.

 

أما شهداء سبتمبر العظماء جميعهم سواء من استشهدوا في مقاومة النظام الكهنوتي البائد قبل وبعد سبتمبر أو من التهمتهم الديكتاتوريات التي اغتصبت الثورة واجعت أنها هي الثورة وهي الوطن وهي الشعب، كل هؤلاء الشهداء سيظلون خالدين في ذاكرة الأجيال على مر العصور.

 

فلهم المجد ولذكراهم الخلود خلود ذكرى سبتمبر وأوكتوبر.

 

ولله الأمر من قبل ومن بعد

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر