من عدن إلى نيويورك.. الزُبيدي يرفع صوت الجنوب في الأمم المتحدة

من عدن إلى نيويورك.. الزُبيدي يرفع صوت الجنوب في الأمم المتحدة

قبل ساعتين
من عدن إلى نيويورك.. الزُبيدي يرفع صوت الجنوب في الأمم المتحدة
 تقرير/محمد الزبيري

لم تكن قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك هذا العام كسابقتها، فقد حملت في أروقتها صوتًا جديدًا يعكس قضية ظلّت لعقود تُغيّب عن مسامع العالم. الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، دخل من أوسع الأبواب إلى المشهد الدولي، ممثلًا قضية الجنوب وقائده السياسي الذي بات الرقم الصعب في المعادلة اليمنية.

المشهد لم يكن مجرد حضور بروتوكولي، بل كان بمثابة إعلان رمزي أن الجنوب لم يعد غائبًا عن الساحة العالمية.

صور الزُبيدي وهو يتبادل الأحاديث مع رؤساء دول ووزراء خارجية، ولقاءاته الثنائية، وحضوره بين وفود العالم، شكّلت كلها لحظة تاريخية ستظل محفورة في ذاكرة كل جنوبي تابع هذا الحدث عبر الشاشات أو منصات الإعلام.

 

الطريق إلى نيويورك

 

لم تأتِ مشاركة الرئيس الزُبيدي في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة من فراغ. فقد سبقتها تحضيرات سياسية ودبلوماسية مكثفة، وجولات داخلية وخارجية عززت موقعه، وأكدت أن الجنوب لم يعد في موقع المتفرج.

منذ اللحظة التي أُعلن فيها عن مشاركته ضمن وفد اليمن الرسمي، ارتفعت التوقعات، وتزايدت التساؤلات: ماذا سيقول؟ ومن سيلتقي؟ وكيف ستنعكس هذه المشاركة على القضية الجنوبية؟

 

بالنسبة للجنوبيين، كان الأمر أشبه بترجمة عملية للتضحيات الكبيرة التي قدّمها الشعب في سبيل التحرير والاستقلال. لقد حمل الزُبيدي معهم آمال الملايين، وذهب إلى نيويورك وهو يدرك أن مهمته ليست عادية، بل تاريخية بكل المقاييس.

 

 

المشهد في أروقة الأمم المتحدة

 

داخل أروقة الأمم المتحدة، كان حضور الزُبيدي لافتًا. جلس جنبًا إلى جنب مع قادة دول العالم، وتبادل معهم الأحاديث في ممرات المبنى الضخم، وكأن القضية الجنوبية عادت لتتبوأ مكانها بين قضايا العالم الكبرى. الصحافة الدولية التقطت صوره إلى جانب رؤساء ووزراء، في إشارة واضحة بأن الجنوب بات حاضرًا على الطاولة الأممية.

لم يكن هذا الحضور مجرد بروتوكول تقليدي، بل حمل رسائل عميقة بأن الجنوب ليس غائبًا عن المشهد، وأن الزُبيدي صار شريكًا في القرار السياسي، وأن مستقبل أي تسوية لا يمكن أن يُصاغ بمعزل عن الجنوبيين.

 

اللقاءات الثنائية.. سياسة الباب المفتوح

 

لم يكتفِ الزُبيدي بالمشاركة في الجلسات العامة، بل عقد سلسلة من اللقاءات الثنائية مع قادة ورؤساء ووزراء من دول عربية وأجنبية. كان يدخل كل لقاء محمّلًا برسائل الجنوب وتطلعات شعبه، يناقش الوضع الإنساني المتدهور، ويعرض تفاصيل الحرب وآثارها على حياة الملايين، ويضع ملف مكافحة الإرهاب كأولوية لا تقل عن أي ملف آخر، ثم يعرّج على ضرورة دعم الاستقرار الاقتصادي، ويؤكد أن أحلام الجنوبيين في استعادة دولتهم ليست خيارًا مؤقتًا بل مسارًا ثابتًا.

 

هذه اللقاءات عززت من مكانة القضية الجنوبية في الأذهان، وكسرت حاجز العزلة التي حاولت بعض الأطراف فرضها لسنوات طويلة.

خرج كل من التقى بالزُبيدي بانطباع أن الرجل لا يتحدث فقط بصفته زعيمًا سياسيًا، بل بصفته حاملًا لقضية شعب كامل، يتطلع إلى أن يجد مكانه العادل في المجتمع الدولي.

 

أثر المشاركة على القضية الجنوبية

 

وجدت القضية الجنوبية، التي ظلّت تُقدّم لسنوات كملف هامشي أو مؤجل، طريقها أخيرًا إلى قلب الأمم المتحدة.

لم يعد الجنوبيون بحاجة إلى وسطاء لطرح قضيتهم؛ فقيادتهم السياسية ممثلة بالرئيس الزُبيدي صارت هناك، في قلب المشهد الدولي. لقد شكّل الحضور اعترافًا ضمنيًا بأن الجنوب طرف لا يمكن تجاوزه، وأعاد التوازن إلى المشهد اليمني بعدما حاولت أطراف أخرى الاستحواذ على الشرعية الدولية. كما كسر هذا الحضور التهميش الذي لازم القضية لسنوات، وأعاد للجنوبيين ثقتهم بأن نضالهم الطويل لم يذهب سدى.

 

تفاعل الشارع الجنوبي

 

في عدن والمكلا والضالع وشبوة ولحج وحضرموت وحتى المهرة وسقطرى تابع الجنوبيون بحماس بالغ صور ومقاطع مشاركة الرئيس الزُبيدي.

مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى منصات دعم وفخر، كتب فيها البعض أن الجنوب دخل الأمم المتحدة بعزة وكرامة، بينما اعتبر آخرون أن هذه اللحظة هي الترجمة العملية لتضحيات الشهداء الذين سقطوا على درب الحرية.

لم يكن الأمر بالنسبة للناس مجرد حضور سياسي في قاعة دولية، بل كان تجسيدًا لنضال طويل من أجل الاعتراف والتمثيل، وإحساسًا بأن صوت المواطن البسيط في الأحياء والقرى وصل أخيرًا إلى منابر العالم الكبرى.

 

القراءة السياسية للتحركات

 

سياسيًا، المشاركة مثلت منعطفًا مهمًا في مسار الأزمة اليمنية. فالمجتمع الدولي بات يدرك أن أي حل سياسي شامل لن ينجح إذا استبعد الجنوب وقيادته.

 

إقليميًا، عززت هذه المشاركة مكانة الزُبيدي كشريك في مواجهة الإرهاب وضمان أمن الملاحة في البحرين العربي والأحمر، ودوليًا فتحت نافذة جديدة للتعاطي مع الجنوب باعتباره قضية سياسية تستحق النقاش، لا مجرد ملف إنساني يُعالج بالمساعدات.

أما محليًا، فقد رفعت من أسهم المجلس الانتقالي باعتباره الممثل الفعلي لطموحات وأحلام الجنوبيين.

 

كسر الحملات الإعلامية المعادية

 

المشاركة في الأمم المتحدة مثّلت صفعة قوية للحملات الإعلامية التي شنتها أطراف معادية للجنوب. لسنوات طويلة حاولت تلك الأطراف تصوير المجلس الانتقالي ككيان معزول أو ضعيف، لكن صور الزُبيدي وهو يتحدث مع قادة العالم، ومشاهد جلوسه في أروقة الأمم المتحدة، قلبت المعادلة تمامًا.

 

لقد أدرك العالم أن الجنوب ليس مجرد ورقة دعائية في خطاب خصومه، بل قضية حقيقية لها قيادة تمثلها، ولها حضور دولي متنامٍ.

 

الأبعاد الإنسانية والاقتصادية

 

في لقاءاته مع قادة ورؤساء الدول لم يقتصر حديث الزُبيدي على الملفات السياسية البحتة، بل وضع الجانب الإنساني في المقدمة.

تحدث عن معاناة الأسر الجنوبية مع انقطاع الكهرباء وندرة المياه وانهيار العملة، وأشار إلى حجم الكارثة التي يواجهها المواطنون في حياتهم اليومية. هذا البعد الإنساني أضفى صدقًا وواقعية على خطابه، وأكسبه احترامًا من الحاضرين. كما حرص على أن يربط الملف الاقتصادي بالاستقرار السياسي، موضحًا أن دعم الجنوب اقتصاديًا هو استثمار في الأمن الإقليمي والدولي، لا مجرد مساعدة عابرة.

 

المستقبل بعد نيويورك

 

بعد هذه المشاركة، بات واضحًا أن الجنوب أمام مرحلة جديدة كليًا. فالحضور الدولي للرئيس الزُبيدي سيترجم في قادم الأيام إلى خطوات عملية على مستويات متعددة، منها تعزيز العلاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وكسب دعم لمشاريع إنسانية وتنموية في الجنوب، وفرض ملف القضية الجنوبية كأحد الأسس الجوهرية في أي مفاوضات سياسية قادمة وأنه لم يعد بالإمكان القفز على هذه القضية أو إزاحتها من جدول أعمال الحل النهائي.

 

الجنوب لم يعد غائبًا

 

من عدن إلى نيويورك، حمل الرئيس عيدروس الزُبيدي قضية الجنوب إلى أرفع منابر العالم.

لم يعد الجنوب غائبًا أو مؤجلًا، بل صار حاضرًا بقوة في المشهد الدولي. المشاركة في الجمعية العامة للأمم المتحدة لم تكن مجرد حدث بروتوكولي، بل انتصارًا سياسيًا ومعنويًا وشعبيًا، وأكدت أن الجنوب يسير بخطى ثابتة نحو استعادة مكانته وحقوقه على الساحة الدولية. لقد دخل الجنوب الأمم المتحدة بصوت قيادته، وأثبت أن زمن التهميش انتهى، وأن قضية شعب قدّم التضحيات الجسيمة لن تُدفن بعد اليوم.

 

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر