هادي عاد الى عدن .. التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي على المحك !

هادي عاد الى عدن .. التصالح والتسامح والتضامن الجنوبي على المحك !

قبل 9 سنوات

 ليلة اقتحام مليشات الحوثي لدار رئاسة (الجمهورية اليمنية) في صنعاء واعتقال الرئيس هادي كتبت  "ان على القيادات والنخب الجنوبية في الداخل والخارج في الحراك وفي السلطة ان تتداعى بأسرع وقت

ممكن لاستقبال هادي منصور وكل من معه من الجنوبيين العائدين في صنعاء المتمردة على الشرعية التوافقية  وان تتوافق على اتخاذ موقف  مسئول  موحد وسريع ودقيق لتدبير أمر الجنوب ولملمة شتاته

وحمايته من كل التداعيات المحتملة  ومخاطبة شعبي الجنوب و الشمال وقواهما الحية وكذا مخاطبة  المجتمع الدولي والإقليمي وجميع القوى الفاعلة في المسألة اليمنية  بموقف وصوت موحد واضح وقوي

وفاعل وقادر على تحمل المسؤولية التاريخية في هذه اللحظة البالغة الحرج والخطورة الوقت يمضي بسرعة ، ولا يجوز  إضاعته فما لم نستطع عمله الآن قد نعجز عن فعله غدا ! 

والفرصة الآن صارت مواتية أكثر من اي وقت مضى  ولن تتكرر ابدا .

الآن وألان فقط يمكن لكل الجنوب ان يتسامح ويتصالح ويتضامن ويقول ويفعل وينجز هدفه السامي في استعادة سيادة ارض الجنوب بالتحرير والاستقلال الكامل وإعادة بناء دولته الوطنية الفيدرالية الديمقراطية

على كامل حدوده السيادية. ولا وقت للتردد والتفكير في تفاصيل الامور ، وما لم نستطيع إنجازه الآن وفي هذه اللحظة الحساسة جدا ، لن يكون بمقدورنا إنجازه غداً.

إذ أن ما سمي  بالاعلان الدستوري الحوثي في 5 فبراير ، لا يستند على شرعية ميثاق اعلان (الوحدة اليمنية في 22مايو 1990)  بل تقوم شرعيته الوحيدة  على قوة السيف والساعد ، العصبية الشمالية والعقيدة

الزيدية والغنيمة المستباحة. وهي شرعية خلدونية شمالية خالصة، تمتد بجذورها في البنية التقليدية للمجتمع اليمني في الشمال منذ أكثر من الف عام إذ تتصل بصراع قوى الهيمنة الشمالية التقليدية ( الطائفية

والقبلية والجهوية ) التي تتصارع على حكم الشمال منذ قبل الاحتلال العثماني الأول والثاني والاستعمار الانجليزي للجنوب العربي وقبل ما عرف ب(ثورة 26 سبتمبر62) ، ومن ثم فان ما عرف بمشروع (

اتفاقية الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمهورية  والجمهورية العربية اليمنية في مايو 90) صار بهذا الانقلاب الحوثي والإعلان الدستوري في خبر كان ، وفي وضع المنتهي وجوده ومبرره

وشرعيته ومعناه بالنسبة للجنوبيين شاءوا ذلك أم ابوا ! ما حدث في صنعاء من عملية 

ليس للجنوب فيها لا ناقة ولا جمل ولن يكون له في موطئ قدم في مستقبل الأيام  بحسب هذا الإعلان الدستوري

   وربما كان لهذا الوضع التاريخي المفارق في صنعاء  الشمالية التقليدية ان رفع من قيمة عدن الجنوبية المجربة والمختبرة تاريخيا في  ان تكون هي لا غيرها من تفوز بالرهان ، رهان إعادة بناء الدولة ا

لجنوبية الحديثة , ورب ضارة نافعة كما يقول المثل ، وهذا ما يسمى بمكر التاريخ الذي يستحيل تجاوزه ، ومن غنمه كله عدمه كله  لا خيارات بديلة هنا والآن حتى وان استحضروا كل موميات التاريخ القديم

سبأ ومعين وآزال والجند وتهامة وحمير وقتبان واوسان وكل ما كان او لم يكن  ، على صنعاء ان تحسم أمرها مع التاريخ المؤجل أولا ، التاريخ الذي يكسر رؤى البشر ولا يتكسر رأسه أبدا!

لقد منحت صنعاء وقواها الفاعلة فرصة كافية  جدا بل وأطول مما يجب  منذ عام 1990، 25عام للمحاولة في امكان بناء دولة مؤسسات حديثة ومدنية يحكمها النظام  والدستور والقانون ، وتساوين بين  جميع

افرادها بالعدل والحرية والأنصاف ولكنها لم تخفق في انجاز هذا الخطوة الضرورية للحفاظ على مشروع  (الوحدة والجمهورية )  فحسب بل والمؤسف انها دمرت تدميرا كاملا دولة شعب الجنوب الوطنية 

وأحالتها انقاضا صفصفا ، وإعادة الجنوب الذي كان قد قطع مراحل نوعية في التنمية الحديثة  قرون عديدة الى الوراء بتعميمها نمط العلاقات التقليدية علي كل مجالات الحياة الجنوبية التي كانت قد تحررت منها

منذ اكثر من نصف قرن، إذ تراجع الجنوب الى وضع ما قبل الدولة الحديثة ، وكما هو معروف  ان مشاريع بناء وتأسيس الدول ليست بالمسألة التي يمكن حلها بالحوارات والتوافقات والنوايا والرغبات

والأمنيات والسحر  ، بل هي اولا وقبل كل شيء شأن التاريخ بلحمه وسداه وعملية صيرورة تطورية تاريخية عميقة الجذور لا يمكن لها ان تتحقق إلا بتحولات مادية واقعية فعلية محسوسة ملموسة تطال كل

البناء والأنساق والقيم والرموز والعلاقات ,وبالأساس  الفاعلين والأفعال اي السلوك قبل الوعي قانون التقدم البشري منذ الأزل ، انها شروط وعوامل يستحيل مغالطتها او إشباعها ، باي طريقة من الطرق وكيفما

اتفق ، ثمة استحقاقات تاريخية لا تكون الدولة الا بها ، الا باشباعها وحلها، ودونها خرط القتاد،  وليس بمقدور النوايا والإرادات والرغبات والاسماء والصفات  ، مهما كان صدقها وحجمها وسعتها واخلاصها ان

تحل محلها ، حتى وان اجتمع العالم بجنه وأنسه وبكل هيئاته وقواه وخبراته وخبرائه وملوكه ونفطه ودولاراته وقنواته والخليج ومجلس الأمن الدولي وجمال بن عمر وحاشد وبكيل والامام والاحزاب والبرلمان ،

ولا جدوى من طلب المزيد من الثمار طالما وان الشجرة لم تنضج بعد،  وهذا الذي كنا نقوله ونردده ونكتبه منذ زمن ، كل شيء باوانه ، ولم يكتشف العالم بعد طريقة فعالة يتم بها تحقيق هذا الإنجاز التاريخي

الأهم _اقصد _إنجاز بناء الدولة من اي نمط او شكل بما هي مؤسسة وجامعة   الدولة الحديثة دولة الدستور والمؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية سوى كانت بسيطة او مركبة مركزية او كنفدرالية

او فيدرالية رئاسية او برلمانية ...الخ غير الطريقة الطبيعية التطورية التدرجية النامية الطويلة التراكمية الانتقالية لمضطردة. وهكذا وصلنا مع صنعاء الى نهاية اللعبة والتجربة وأصبحنا كلنا في الجنوب ضحايا

اخطائنا وفي قفص الاتهام والإدانة ولا بريء في الجنوب حتى الحجارة لا من حقق الوحدة وذهب بنفسه ودولته الى صنعاء اقصد  (الرئيس علي سالم البيض) ولا من حارب من اجل تثبيت الوحدة وقاد الجيش

من صنعاء الى عدن اقصد  ( الرئيس عبدربه منصور هادي) الجميع اليوم منبوذين ومطرودين وملاحقين من صنعاء وصار الجميع متساوون في ارتكاب الأخطاء بحق الجنوب وحق أنفسهم ولا احد بأفضل من

الآخر في الجرد الختامي ، كلنا كنا أدوات في صنع الكارثة وضحايا لها بالقدر ذاته، وربما كان هذا التساوي في وضع الضحية يمنحنا ارضية مشتركة للتفاهم والتسامح والتصالح والتضامن المطلوب اليوم

كضرورة وجودية للجميع ، إذ فعل  التسامح والتصالح والتضامن والنضال السلمي  تستدعيه الحاجة والرغبة المشتركة للبحث في أفضل السبل الممكنة والآمنة للعيش والتعايش الاجتماعي السياسي الوطني  في

بيئة اجتماعية وسياسية وثقافية واقتصادية وأخلاقية ونفسية منظمة ومستقرة مدنية وسلمية خالية من التوتر والعنف والفوضى  والظلم والظلام بيئة , مسيجة  بسياج العدالة والإنصاف والحرية والمساواة  والتعاون

والأمن والأمان وحامية للحقوق الأساسية لكل إنسان افراد ومؤسسات وجماعات.. ذكوراً وإناث: حق الحياة، وحق الحرية، وحق الكرامة، وحق العمل، وحق الحصول على الفرص، وحق القرار، وحق التملك،

وجميع الحقوق الطبيعية والشرعية والمدنية والسياسية والثقافية... الخ التي نصت عليها الشرائع السماوية والأعراف والقوانين الوضعية  والمواثيق الدولية. وبهذا المعنى لا يجب النظر إلى مفهوم التسامح بعده

قيمة أخلاقية فحسب أو مطلبا سيكولوجيا يتصل برغبة هذا الفرد أو ذلك بوضع يده في يد صاحبه ويقول له ( انا سامحتك ,سامحك الله ) على طريق جبر الخواطر (وعفى الله عما سلف)، أو بغرض المصالحة

والتصالح مما جرى من خطأ وعداء وعنف وقتل ودماء على النمط التقليدي كما وصفه الشاعر

(إذ احتربت يوماً وسالت دماءها***  تذكرت القربى فسالت دموعها)

 

       بل يجب النظر إليه (التسامح) بعده حاجة وضرورة حيوية واستراتيجية تفرض ذاتها على الجميع بدرجة متساوية من الأهمية والقيمة والواجب دون أن تستثني أحد من الفاعلين الاجتماعيين الراغبين في

العيش المشترك في مجتمعنا الجنوبي المنكوب ، لاسيما بعد انقضاء فترة كافية لاسترجاع الماضي والجلوس مع الذات ونقدها نقداً فردياً وجماعياً وتاريخياً، وفضح الأخطاء وتعريتها بلا هوادة في سبيل تجاوزها

في المستقبل المنشود ومن المهين أن يكون سر أزمة حياتنا والتقييم الدقيق لأخطائنا وقفاً على أناس لم يولدوا بعد! والسؤال الذي ينتصب أمام أعيننا الآن هو: أما آن لهذا الشعب أن يستريح؟ أما آن للغة العنف

والقوة والعدوان والخوف أو لغة اللاتسامح أن تخرس، لتحل محلها لغة العقل والحوار والتسامح والتصالح والتضامن والتعايش والوئام والحب والتفاهم والتآخي والسلم والسلام أي لغة اللاعنف؟ وإذا كان الخلاص

يقع في أيدينا نحن جيل مابين الجيلين فعلاً فإنني سأجيب على هذا السؤال الحارق بـنعم وتدفعني إلى قولها تلك القوة المفكرة وتلك الشجاعة المثقفة التي أحس بها متأججة الحماسة لدى بعض الشباب  والشابات,

النساء والرجال  ممن أعرفهم ولا أعرفهم من أبناء هذا الوطن الحبيب الخصيب. الذين لم يفقدوا إيمانهم الهادئ المستقر بالله سبحانه وتعالى ولطفه ورحمته وبالإنسان وبالقيم الانسانية السامية  من اللذين نذروا

جهودهم لتنميتها في مجتمعنا الجنوبي المسلوب ، أولئك الذين أخذوا على أنفسهم  دمل جراح الروح والجسد وبعث ربيع الحياة على هذه الارض المعطاة. إن حاجتنا إلى السلام كحاجتنا إلى الهواء والنوم، فليس

بمقدور الإنسان أن يعيش زمناً طويلاً في قلق وتوتر مستفز في كنف الخوف والرعب والفزع  في ظل  غياب شبه تام  لشبكات الحماية والأمن والأمان والعدل والحرية. بيد أن السلام كشرط ضروري لاستمرار

حياة أي جماعة إنسانية مزقتها الحروب والخصومات لا يتم من تلقاء ذاته، بل يحتاج إلى جهود جبارة من العمل المثابر والإصرار العنيد على ترسيخ قيم التسامح والتصالح والتضامن والثقافة السلمية وادواتها في

حل النزعات والمشكلات كما اشار خبير السلام الدولي,  جين شارب في كتابه (البدائل الحقيقية ).   فالتسامح هو الفضيلة التي تيسر قيام التعايش الاجتماعي  والسلم والسلام بين الناس ويسهم في إحلال ثقافة

النضال السلمي, ثقافة اللاعنف  محل ثقافة الحرب والعنف والقتل  والتدمير والدمار بل يمكن القول ان فضيلة التسامح هي الحد الأدنى من إمكانية العيش والتعايش المشترك في مجمع سياسي مدني مستقر قابل

للنماء والتقدم والازدهار. اننا هنا للمرة الالف ادعو جميع الفاعلين الجنوبيين وعلى نحو خاص الرئيس عبدربه منصور هادي الذي عاد من صنعاء الى عدن حيث  داره ومدينته وأهله وشعبه وكل من معه ا

دعوهم إلى يجعلوا من هذه القيم السامية اقصد ( التصالح والتسامح والتضامن)التي انجبتها ثورة المقاومة الجنوبية السلمية من رحم المحنة والمأساة طوال سنوات عجاف ادعوهم بان يحفظوها ويحمونها كدقات

اعينهم وان يجعلوا من كل افعالهم وأقوالهم نماذج حية لتمثيلها وترسيخها في الواقع والنفوس، وذلك بمد ايديهم وفتح صدورهم لكل الجنوبيين بلا استثناء ، كما ادعو كل القيادات الجنوبية (التاريخية)  والشابة في

الداخل والخارج ان يمدوا أيديهم ويفتحوا صدورهم لبعضهم البعض وان يسارعوا الى وضع أيديهم بيد عبد ربه منصور هادي ويبحثون معه عن لغة مشتركة  وقواسم مشتركة في توحيد الصفوف وتقاسم الأدوار

وتنسيق الأفعال فيما يخدم ويعزز قضية شعب الجنوب  العادلة وإخراجها من هذا الوضع العاصفة بأقل قصد من الخسائر والسير بها إلى بر الأمان،  وهكذا  بات الأمر ( هادي في عدن ... التصالح والتسامح

والتضامن على المحك ).  ومن يعتقد انه قادر على تمثيل الجنوب وتدبير أمره لوحده فهو واهم ! لقد بتنا اليوم على ظهر سفينة واحدة تتقاذفها العواصف في كل اتجاه وتقع على الجميع مسؤولية متساوية أخلاقية

وتاريخية في تدبر أمرها وإنقاذها من الغرق، إذ ذاك لن ينجوا احد  من المصير الفاجع ،لا سمح الله، ومن يتابع قنوات الشمال وتركيزها  ورهانها الدائم على خلاف واختلاف الجنوبيين القديم والجديد وبث المزيد

من السموم فيه يدرك معنى ما اقول. والله  من وراء القصد.  

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر