في الدراسات المعاصرة للحضارة

في الدراسات المعاصرة للحضارة

قبل 8 سنوات

 تشهد الدوائر الأكاديمية والثقافية والإعلامية الراهنة سعاراً محموماً في ترديد كلمة " الحضارة " وما تثيره في النفوس والأذهان من ردود أفعال وعواطف وأفكار مختلفة وملتبسة أحياناً، إذ أن بداهة الاستعمال السيئ للكلمة طوال السنوات الماضية قد جعلها عرضة إلى سوء فهم لا حد له، ومصدراً لكثير من الغموض واللغط والضلال، وقد بتنا نطلقها على ظواهر وأشياء لا حصر لها من قبيل الحضارة البدائية والحضارة الحديثة والحضارة الصناعية والحضارة المادية وصدام الحضارات وحوار الحضارات والحضارة المتخلفة والحضارة المتقدمة والحضارة الغربية والحضارة الإسلامية والغزو الحضاري والتخلف الحضاري ...الخ ، وعبر كل الاستخدامات لمفهوم الحضارة يتم تحمليها معاني ودلالات متنوعة ومشوشة تزيد من تعميق سوء التفاهم والتباعد بين الشعوب أكثر مما تكشف عن المعنى الحقيقي للحضارة والتاريخ، وعلى الرغم من أن مفهوم الحضارة يعد من المفاهيم القديمة في الفكر التاريخي إلا أن التاريخ لم يشهد إعادة بعث لمفهوم أخر أكثر من مفهوم الحضارة إذ أخذ الفلاسفة والمؤرخون منذ بداية القرن التاسع عشر وحتى اليوم يوجهون جل اهتمامهم في البحث والدراسة في مشكلة الحضارة والتاريخ بدء بالأديب الانجليزي ماثيو أرنولد 1822-1888م في كتابة " الحضارة والفوضى" وكتاب الأمريكي بروكس آدموز " الحضارة والاضمحلال " 1893م وكتاب الألماني ماكس نوردو " الانحلال " وكتاب شبنجلر " سقوط الحضارة الغربية " وكتاب فرويد " عسر الحضارة " 1829م وكتاب كارل كروس " الأيام الأخيرة للنوع البشري " و كتاب جرانت " زوال الجنس العظيم " 1916م وكتاب كولون ويلسون " سقوط الحضارة و كتاب الألماني البرت اشيفتسر " فلسفة الحضارة " وما كتبه ارنولد توبيني " الحضارة في الميزان " و" الحضارة على المحك" 1965 "الحرب والحضارة" ودراسته الواسعة لتاريخ الحضارات العالمية الذي عددها بـ 26 حضارة متعاقبة وآل دبورنت في "قصة الحضارة" وكتاب هنتجتون " صدام الحضارات " وكتاب روجيه جارودي " حوار الحضارات " وكتاب فوكوياما " نهاية التاريخ والإنسان الأخير " وكتاب اولفين توفلر " حضارة الموجة الثالثة " وكتاب توماس سي – باترسون " الحضارة الغربية .. الفكرة والتاريخ  وكتاب مارشال هو جبسون " مغامرة الإسلام " الوعي والتاريخ في حضارة عالمية " وكتاب ارثرهيرمان " فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي " وكتاب " جغرافيا الحضارات " لـبريتورولان.وثمة قائمة طويلة من الكتب التي تتناول الحضارة أو الحضارات صدرت في أوروبا وأمريكا في السنوات القريبة الماضية، وفي البلاد العربية الإسلامية منها العلم والحضارة عبد العظيم أنيس الحضارة لحسين مؤنس الحضارة عند مالك أبن نبي فلسفة الحضارة أحمد محمود صبحي العقل والحضارة  عبد السلام نور الدين الإسلام والحضارة لأنور الجندي في معركة الحضارة قسطنطين زريق الإسلام والحضارة الغربية محمد محمد حسين1965م الدين والحضارة1964,لمحمد البهي كتاب إنتحار الحضارة الغربية لأبو الأعلى المؤدودي,1979, وغير ذلك من الكتب وهناك سلسلة طويلة من الإصدارات والمؤتمرات من الحضارة ومشتقاتها وهذا لوحدة يكفي شاهداً على خطورة المسألة وأهميتها وحيويتها وهذا ما المح إليه الأمريكي باترسون بقوله " يتكرر استخدام لفظ الحضارة اليوم في وسائل الإعلام أكثر من أي وقت مضى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ويغالي الآن الخبراء في الإعلام في فضائل الحضارة ويحذروننا في الوقت نفسه من أخطارها"غير أن ما يثير الإحباط والأسى في واقعنا العربي الإسلامي هو عجزنا الواضح والفاضح عن الدخول في حوار فكري أصيل حول المشكلة التي أخذت تشكل دوار عصرنا أي إشكالية الحضارة التي ما زلنا نتعاطي معها بردود فعل وانفعالية عاطفية تعمى ولا تنير، تشوش ولا توضح ولما كان قدرنا أن نعيش في هذا العصر وننفعل بما يعتمل فيه من أحداث و متغيرات شئنا ذلك أم أبينا فلا بدلنا نحن القاعدون في وسط هذه القرية الكونية أن نتعلم التفكير النظري والمنهجي ونحاول الدخول إلى ساحة الإبداع الثقافي بأن يكون لنا رأينا الخاص في مشكلات التاريخ والحضارة، رأي يعتد به ويبنى عليه، وذلك لا يتم إلا بمباشرة التأمل العميق والدقيق في المنظومة الفكرية الواسعة في الدراسات التاريخية وأن نمتلك رؤية منهجية نقدية عقلانية أسوة بسلفنا التاريخي العظيم عبد الرحمن بن خلدون الحضرمي1323 - 1406 الذي قال راية في التاريخ فأحسن القول.

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر