تراجيديـــــا السيـــــاسة

تراجيديـــــا السيـــــاسة

قبل 8 سنوات

التراجيديا بؤرة الحياة الأبدية وانفتاح لا نهائي نحو الآفاق المجهولة . إن التراجيديا مقاومة للموت وممارسة للذة في الألم . التراجيديا معانقة للمتعالي ( نيتشه )

بتاريخ 12 ديسمبر 2015 اصطحبني دون سابق ترتيب الأستاذ الصحفي والناشط السياسي لطفي شطارة في زيارة للرئيس السابق فخامة علي سالم البيض .

في بهو الفندق استقبلنا الأستاذ عمر علي سالم البيض مرحبا بنا في لجهة حضرمية أصيلة وكأنه توه آتيا من الشحر أو سيئون .

اصطحبنا إلى الجناح الخاص بفخامة الرئيس , وجها لوجه كنت أنا البعيد جدا عن ميدان السياسة ومفارقاتها المرة مع رجل مثير للجدل في نظر كثير من الناس لكنه واضح شفاف صادق وشجاع كفارس أتى توه من الصحراء يحمل بين أضلعه قلبا لا يعرف الغدر .

بعد لحظات بدأ الحاضرين الحديث عن الشأن اليمني وعن القضية الجنوبية إلا أنا فقد كنت بعيدا لا أعي ما يدور من حديث .

نعم حلقت خلال ساعتين وهي مدة اللقاء بعيدا في تأمل حال السياسة وحال السياسيين في عالمنا العربي . علي سالم البيض هذا الرجل الذي كان يبقى جزءا أصيلا من تاريخ اليمن ومن تاريخ الجنوب بكل إيجابيات وإخفاقات هذا التاريخ يقعد هنا وقد بلغ من العمر عتيا وفي عينه حزن دفين وشوق للوطن لا تخطئه عين بصير . لم أخرج من لحظات تأملي إلا على تنهيدة قوية صدرت منه وهو يقول كلنا اشتقنا للوطن . وكأن يردد قول ناظم حكمت آه يا وطني .

إنها تراجيديا السياسة العربية من أول وزير دفاع في حكومة الاستقلال وحتى الرجل الأول في الجنوب مرورا بتوقيع اتفاقية الوحدة المغدورة ونائب رئيس لليمن الموحد وها هو الآن يعاني شوقا لا يحد لوطن كان بينه وبين العودة إليه المستحيل .

كان البيض وسيظل قائد استثنائي ارتبط اسمه بتاريخ الحركة الوطنية ومهما تكون المآخذ عليه إلا أن تلك المآخذ عند تفنيدها لا تلبث إلا أن تكون لمصلحة الرجل فما يعاب عليه من قرار الوحدة هو في حقيقته بين معدنه الأصيل وثقته غير المبررة بالآخرين وجميعها صفات فارس وليس رجل سياسة إلا أنها في المحصلة تحسب للرجل لا عليه .

ومع كل ذلك إلا أنه كان ومازال رجل صلب صادق شجاع وفي تجتمع فيه كل خصال الفرسان وكم من الفرسان راح ضحية الغدر والخيانة مع أنه لا تعوزه الشجاعة .

إنها تراجيديا السياسة في مجتمعاتنا العربية .

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر