تناولت صحيفة لوموند الفرنسية دور رجل الأعمال اليمني أحمد صالح العيسي (51 عامًا)، الذي قالت إن خصومه يصفونه بـ”التمساح” أو “القرش”، بعدما تحول إلى أحد أبرز تجار الحرب في اليمن.
وتقول الصحيفة إن العيسي، مستشار الرئيس اليمني، أصبح رقمًا صعبًا في المعادلة الجيواقتصادية في اليمن؛ بعد أن أحكم قبضته على النقل البحري لصادرات النفط التي تمر عبر ميناء عدن الاستراتيجي.
فمع انهيار الدولة في اليمن، وجد صيادو الفرص ضالتهم لإبرام صفقات مشبوهة، وهو ما يعوق جهود السلام، ويعتبر منتقدو العيسي أنه أبرز مثال لصائدي الفرص الذين تربحوا من الوضع المتدهور في اليمن.
وقال مصدر في الحكومة اليمنية، فضل حجب هويته، إن “أحمد صالح العيسي، ينتمي إلى الدائرة الضيقة للرئيس، وهو ما جعل تأثيره يتعاظم فهو باختصار “كل شيء يمر من خلاله… كل شيء ما عدا الهواء.”
وثبّت العيسي أقدامه كواحد من أكبر مستوردي المنتجات البترولية في اليمن التي انخفض إنتاجها بشكل ملحوظ خلال الحرب.
ويحتكر العيسي تصدير شحنات البنزين إلى ميناء عدن الكبير (جنوب البلاد)، مقابل الحصول على مبالغ تتراوح بين 30 و40 مليون دولار شهريًا، بحسب تقديرات الحكومة اليمنية.
كوّن رجل الأعمال المثير للجدل ثروته بفضل ميناء مدينة الحديدة الساحلية، الذي يشكل شريان حياة لملايين اليمنيين ويضم مصب خط أنابيب ينقل إنتاج النفط الخام من المناطق الصحراوية في شرق اليمن.
وفي أوائل التسعينيات، تولى رجل الأعمال الغامض مسؤولية تأمين النقل البحري للنفط الخام والبنزين المكرر بين الموانئ اليمنية، وهي أنشطة شديدة الارتباط بنظام الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.
وتعرض نظام صالح لاتهامات بتمكين الموالين له من الوقود بأسعار مخفضة؛ لإعادة بيعها في شرق أفريقيا، عبر جزيرة سقطرى اليمنية المطلة على المحيط الهندي.
ويعتبر العيسي أحد هؤلاء الموالين الذين اصبحوا تدريجيًا من الشخصيات العامة المرموقة، فتطور نفوذه في مدينة الحديدة المهمشة، التي أنشأ فيها مصحّة ومتاجر ومصنعًا للبلاستيك وناديًا لكرة القدم، حتّى أنه عُيّن سنة 2006 رئيسًا للاتحاد اليمني لكرة القدم.
اقترب العيسي من عبد ربه منصور هادي، الذي انتخب رئيسًا لفترة انتقالية تستمر سنتين، بعد أن أطاح ” الربيع العربي ” بحكم الرئيس علي عبد الله صالح، خصوصًا أن كليهما ينحدر من محافظة أَبْيَن (جنوب اليمن).
وطوّر رجل الأعمال مرافق ميناء رأس عيسى، الواقع على البحر الأحمر، لتحميل السفن الحكومية وشحنها بالنفط الخام لأغراض التصدير.
وبعد أن استولى الحوثيون على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014، زاعمين أنهم يريدون ” تنظيف العاصمة ” التي احتلت المرتبة 175 عالميًا في نسب استشراء الفساد، حسب تصنيف منظمة الشفافية الدولية.
خلال هذه العملية، بسط الحوثيون نفوذهم وأزاحوا العيسي، وهو ما فسح المجال لبروز تجار جدد لنقل الوقود في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم رغم الحصار الجزئي الذي فرضه عليهم التحالف العربي.
تحول العيسي إلى بسط النفوذ في عدن، حيث أصبح المتحكم الوحيد في شحنات البنزين.
ويبدو “هذا الاحتكار قانونيًا” في ظاهره، لكن كل إجراءات المناقصات الحكومية (العامة والشهرية) معدة بطريقة تضمن في نهاية المطاف للعيسي كل عقد تسليم إلى عدن، كما يخلص تقرير حديث من مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، وهو مركز أبحاث مستقل.
ووفقًا للصحيفة فإن الشبهات تحوم حول علاقة تربط العيسي بابن الرئيس جلال عبد ربه منصور هادي.
وفي محاولة لنفي تلك العلاقة يقول العيسي للصحيفة: “لا يملك جلال سيطرة على الشؤون الرسمية”، مضيفًا أن “جلال لا يعمل، ولا يخرج من منزله. يجلس، يأكل ويزداد بدانة”.
ويثير هذا الوضع ردودًا غاضبة في عدن، فرجل الأعمال متهم بإبقاء المصفاة السوفياتية القديمة في المدينة، التي يسيطر عليها، معطلة، من أجل مواصلة بيع الوقود للمولدات الخاصة في عدن، ما أدى إلى نقص كبير.
“في الصيف الماضي، نفدت الكهرباء لمدة خمس عشرة ساعة في اليوم، في أوقات ذروة الحرارة”، بحسب باشراحيل هشام باشراحيل، نائب رئيس تحرير صحيفة “الأيام” اليومية الكبرى.
وتقول الصحيفة الفرنسية إن هذه المظالم الشعبية تحملها قوة عدن الأفضل تسليحًا، المجلس الانتقالي الجنوبي، ويزعم العيسي أنه “غير مكترث لذلك” قائلًا: “لا يستطيع الانتقالي الجنوبي التحكم في عدن. لا يمكنهم فعل أي شيء ضدي. يعرفون أن المصفاة معطلة وأن عدن لن يكون لديها كهرباء بدوني. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم يتركون ممتلكاتي دون أن يلحق بها أي أذى في المدينة “.
ويتحدث العيسي كذلك عن علاقته بالإمارات العضو الفاعل في التحالف العربي، زاعمًا أن “الإمارات لا تحبه لكنها تتعامل معه” للتزود بشحنات الوقود مدعيًا أن ذلك يشير إلى أنه “الأرخص.”
ويختتم العيسي بالقول: “كنت رجل أعمال عندما كان صالح في السلطة، واستمريت تحت هادي وبعده سأظل كذلك”.