عندما يصبح الوطن مستهدفا، وعندما يحاول الحاقدون تصيّد الثغرات لضرب اللحمة الوطنية الجنوبية، تبرز المواقف الوطنية الحقيقية وتتجلى الحكمة لدى المناضلين والشرفاء والأحرار وتعلو المصالح العليا للوطن وتسمو فوق كل المصالح الفئوية والجهوية والذاتية، فإن الوطن والمشروع الوطني الجنوبي سيبقى وسيظل محميا ومحصنا ولا خوف عليه من محاولات التفتيت والتشتيت والتشرذم.
شهدت العاصمة عدن في الآونة الأخيرة أحداث عديدة، وبرزت قضايا قديمة جديدة وحظيت قضية المختطف المقدم علي عشال الجعدني بتفاعل شعبي واسع لتصبح قضية رأي عام وقوبلت باهتمام بالغ من سلطات الدولة الادارية والقضائية ومن المجلس الانتقالي الجنوبي، وشكلت تحديا كبيرا للأجهزة الأمنية التي عكفت وكثفت من جهودها في التحقيقات وجمع الأدلة للوصول لملابسات الجريمة، وكشف والجناه وضبط عدد من المتهمين بالضلوع والمشاركة في الجريمة.
ساعدت تلك الأحداث والظروف إلى خلق مساحات للتعبير المفتوح فذهبت آراء واصوات الكثير لإثارة مخاوف مشروعة حول الواقع والمستقبل، داعية بكل حرص ومسؤولية لضرورة التصويب والتصحيح، وذهبت أصوات فئة أخرى حاقدة ومدعومة من أطراف وقوى معادية ومناهضة للمشروع الجنوبي لتوظيف قضية المختطف عشال لإذكاء النزعات المناطقية وتغذيتها والتشكيك بالإنجازات المحققة في تثبيت الأمن والاستقرار، بهدف تمزيق اللحمة والنسيج الاجتماعي وضرب المشروع الوطني.
وجدت تلك القوى المناهضة والمعادية من قضية المختطف عشال، بيئة خصبة لاستغلال جزء من الخلل في تركيبة التشكيلات الأمنية بالعاصمة عدن، والتي تكشلت في ظروف عقب الحرب، لإثارة النزعات المناطقية، وهنا ينبغي للقيادة السياسية مثلما تعاملت بكل مسؤولية مع قضية عشال لتأخذ مسارها القانوني وتفوت الفرصة على المتصيدين أن تحرص كذلك على تسريع تصويب وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية على أُسس سليمة ووطنية وتذويب اي مساحات لإثارة الفتن وإذكاء النزاعات المناطقية، ولنا في موقف اللواء مطهر الشعيبي والعميد سليم المحثوثي أنموذجا لتجسيد اللحمة الوطنية الجنوبية.
وجدت نفسي أمام هذه الظروف امام مسؤولية وطنية واخلاقية دفعتني من منطلق حرص إلى الاجتهاد لتحريك المياه الراكدة، وطرح تساؤل حول اسباب عدم تمكين العميد ركن سليم المحثوثي من استلام موقعه كنائب لمدير أمن العاصمة عدن، وتأخر ذلك لمدة ثمانية أشهر، خاصة وأنه من أكفأ الضباط ؟
بعثت بهذا التسأول للجميع ووزعته على جميع الأصدقاء والمضافين عندي ونشرته في حسابي في منصة فيسبوك، وكان أول رد وصلني من اللواء مطهر علي ناجي مدير أمن العاصمة عدن يخبرني أنه أول من بارك تعيين العميد سليم نائبه له، ومرحب به، وان من حال دون تمكين سليم وتأخير استلامه لمهامه هو تاخر البت في بعض التفاهمات التي الاخ المحافظ على علم واطلاع بها، فقلت له، اي كانت تلك التفاهمات، أو اي كان المسؤول عن تاخر البت فيها، فلا ينبغي أن تقف دون تمكين العميد سليم من مهامه، لسبب وجيه، أن وجوده إلى جانب مدير الامن سيكون عاملا مساعدا في تقوية اداراة الامن وتعزيزها وإذابة أي نزعات مناطقية وتفويت الفرصة على المتربصين.
مساء يوم أمس تواصل معي اللواء مطهر الشعيبي ويبلغني، انه سيتم تمكين العميد سليم المحثوثي من عمله بمجرد عودة الاخ المحافظ من سفره، وبعد عدة دقائق تصلني رسائل من العميد سليم المحثوثي يبلغني فيها ان اللواء مطهر الشعيبي قد تواصل به، وأبلغه أن يستعد لاستلام عمله بعد عودة السيد المحافظ.
عبرت عن عظيم شكري وتقديري للواء مطهر الشعيبي، وثمنت عليه موقفه الاصيل والمشرف والذي ينم حس كبير بالمسؤولية، واعربت له عن أسفي اذا كنت قد تسببت له بأي حرج ، او أساه ووعدته أن أوضح موقفه وأن أعيد نشره.
أما عن سليم فقد قلت له ونصحته بان يحرص أن يكون خير خلف لخير سلف وهو العميد والاخ العزيز صاحب المواقف المشرفة العميد ابو بكر جبر، الذي انتهزها فرصة لتمنياتنا له بالتوفيق والسداد في المهمة التي ستوكل إليه قريبا، فكان رد الاخ سليم : "باذن الله اكون عند حسن ظن الجميع أخي العزيز، فعدن غالية ولا بد ماتقوم بواجبنا نحوها " .
في الخلاصة نحيي الروح الوطنية التي تجسدت الموقف الواضح والصادق من اللواء مطهر الشعيبي الذي شهد عهده نجاحات ومنجزات أمنية حقيقية، ليس بشهادتي انا، وإنما بشهادة اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات حقوق الإنسان التي اشارت في تقريرها السنوي 2023م الى تطور الاداء الامني في عدن، ولأول مرة منذ سنوات تنجح الاجهزة في كشف مرتكبي جميع الجرائم ولم تقيد اي جريمة ضد مجهولين، وهذا نجاح حقيقي من لم يصدقه فليسأل ويتأكد من فضيلة القاضي أحمد المفلحي رئيس اللجنة.
محمد الجنيدي