كان وعيد وتهديد وتنفيذ الرئيس الأمريكي ترمب صريح وواضح لإيران ووكلائها في الشرق الأوسط تحديدا , الإنسحاب الأحادي لمليشيات الحوثي من موانئ الحديدة الثلاثة ليس مفاجأة كبيرة لمتابعي الأحداث والتطورات السريعة للملف الأمريكي الإيراني وتداعياته العسكرية في المنطقة .
تحدث الرئيس الأمريكي ترمب عن معلومات إستخباراتية تؤكد إستهداف السفن الحربية والمدنية الأمريكية والعالمية في مضيقي هرمز وباب المندب عن طريق الحرس الثوري الإيراني ( مضيق هرمز ) ومليشيات الحوثي (مضيق باب المندب ) , وبعد إرسال حاملة الطائرات الاولى لمضيق هرمز , ستتمركز حاملة الطائرات الثانية قرابة خليج عدن لتأمين مضيق باب المندب .
أصبحت مليشيات الحوثي اليوم في مواجهة مباشرة مع الجيش الأقوى في العالم ولم يتبقى سوى إنطلاق ساعة الصفر , ولهذا وجهت إيران حليفها الحوثي بسرعة الإنسحاب من موانئ الحديدة وتنفيذ إتفاق ستوكهولم السويد قبل ال 15 من مايو الجاري , وهي المهلة التي حددتها الرباعية الدولية ( الولايات المتحدة الأمريكية و بريطانيا و السعودية والإمارات ) لتنفيذ الإتفاق وقبل جلسة مجلس الأمن الدولي .
قضي الأمر بتوجيه ضربات موجعة لحلفاء إيران أولا , ووقع الإختيار على الحلقة الأضعف الساذجة مليشيات الحوثي التي هددت مرارا وتكرارا باستهداف خط الملاحة الأهم على المستوى العالمي مضيق باب المندب , الان تنتظر الولايات المتحدة الأمريكية عملا عسكريا محدودا تقدم عليه مليشيات الحوثي لتبدأ بشن هجومها الساحق الماحق .
كان إنسحاب مليشيات الحوثي الأحادي حقيقي هذه المرة رغم إستبدالهم بقوات خفر السواحل التابعة لها , مايهم الان ليس شكل ونوع وإنتماء القوات الأمنية التي ستؤمن موانئ الحديدة , الأهم هو أن تلك القوات أي كانت لن تدير الموانئ الحديدية أو تستولي على إيراداتها أو السيطرة عليها كالسابق .
وهذه النقطة تحديدا ما تغضب وتؤرق الشرعية اليمنية الفاسدة والفاشلة ممثلة بهرم السلطة وبطانته بسبب رغبتهم بالسيطرة على موانئ الحديدة أسوة بموانئ عدن وباقي المحافظات المحررة , 80% من واردات البضائع للسوق المحلية كانت تصل سابقا لميناء الحديدة وبالتالي سيعود ذلك النشاط التجاري لسابق عهده وسيتضرر بالتالي ميناء عدن .
فتجفيف المنابع المالية لتجار الحروب مليشيات وشرعية سيؤدي حتما للجنوح للسلم ووقف الحرب والشروع بالعملية السياسية وتقاسم السلطة .
وصل العالم لقناعة تامة بإستحالة وجود الرغبة الحقيقية لوقف القتال ووضع حد لنهاية الحرب في اليمن من قبل طرفي النزاع كما أطلقت عليهما الأمم المتحدة شرعية ومليشيات الحوثي , وأستغرب كمية التضليل الإعلامي من قبل الشرعية اليمنية حول إستنكارها للانسحاب الأحادي .
مع العلم بأن مليشيات الحوثي هي المسيطر الفعلي والميداني الوحيد على موانئ الحديدة الثلاثة , وبالتالي ومن البديهي أن يكون الإنسحاب أحادي وما الأمم المتحدة والشرعية سوى مراقبون ومشرفون على ذلك الإنسحاب وفق شروط إتفاق ستوكهولم السويد , كما سيقوم فريق أممي بإدارة موانئ الحديدة ومراقبة وتفتيش السفن القادمة .
فشل دبلوماسي كبير لوزير الخارجية اليماني , وفشل عسكري للجيش الوطني الوهمي , وتخبط سياسي شرعي مخزي بسبب تضارب التصريحات حول حقيقة إنسحاب مليشيات الحوثي الأحادي , وسباق ماراثوني إعلامي بين وزير الإعلام الإيراني ووزير الخارجية اليماني وهلما جراء .
يقين مليشيات الحوثي بدنوا نهايتها على يد الجيش الأمريكي هو من أرغمها وسيرغمها على التعاطي الإيجابي مع قرارات مجلس الأمن الدولي القادمة .