الوقوع مرارا وتكرارا بفخ أعداء الجنوب يعتبر نوع من أنواع السذاجة والغباء المفرط ، وأعني بذلك إنجرار بعض الجنوبيين لتفاهات وأساطير أعدائهم والترويج لها وتداولها ، بعد كل جولة من جولات المواجهة مع الشرعية أو مليشيات الحوثي تحدث نقلة نوعية للمجلس الانتقالي الجنوبي على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي ، حتى وصل الانتقالي للنقلة ما قبل الاخيرة وهي التوقيع على إتفاق حوار جدة في العاصمة السعودية الرياض .
البعض لا يريد الخروج من قمقم الماضي الأليم إلى الحاضر ، وهذا خطأ فادح وجسيم بحق أنفسهم وشعبهم ، نهظت أمم من تحت ركام الحرب لتصبح دول عظمى كالمانيا واليابان وغيرها ، ومع كل خطوة نخطوها إلى الأمام ينبري لنا دائما فصيل الإحباط والتثبيط ليذكرنا بالماضي الأليم وحروب الشوارع التي تغيرت حتى معالمها التاريخية اليوم ، علما بأن الظروف المحلية والعالمية لم تعد توفر ذلك المناخ الملائم لأي مغامرات أو صراعات دموية كالسابق .
ما حدث في عدن من أحداث مؤلمة كان بضوء اخضر من دول إقليمية ودولية ، القرار الداخلي لم يعد داخلي 100% في معظم دول العالم ، ونذكر أننا تحت سيطرة ووصاية مجلس الأمن الدولي والدول الراعية .
لم ولن يذهب المجلس الانتقالي الجنوبي لجدة أو لغيرها بوقتنا الراهن لفك الارتباط أو للإنفصال الذي يعني الانتحار السياسي والعسكري وضياع منجزات 5 سنوات ، وليس معنى ذلك تفريط أو تخاذل ولكنه الوقت لم يحين موعده ، ولكنها السياسة و المصالح المشتركة هي التي تفرض علينا أسلوب وطريقة التعامل مع الإقليم والعالم للوصول لقواسم مشتركة ترضي جميع الأطراف ، ولن تكون مصالحنا على حساب مصالح دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة بالوقت الراهن ، ولسنا بعجلة من أمرنا ، فجنوب السودان ناضل لأكثر من خمسون عام ونال تقرير مصيره واستقل بعد كفاح مسلح طويل .
يسير الانتقالي بالطريق الصحيح ، من خلال أولوية العيش الكريم لشعبه من رواتب منتظمة وخدمات يجب توفيرها على وجه السرعة ، فهذه هي مهامه الحالية المستعجلة التي لا تقبل التأجيل أو الترحيل ، ووقف نزيف الدم الجنوبي الذي يسعى لاستمراره بعض الحاقدين الموالين لعصابات صنعاء من الولويات المرحلة ، هناك من يريد أن يظهروا للإقليم والعالم بأن الجنوبيين منقسمين على بعضهم وفشلوا ، وتناسوا بأن العالم صار قرية صغيرة ولم تعد هناك أسرار يمكن إخفائها .
بعد التوقيع على مسودة حوار جدة ونجاح الوساطة السعودية ، يجب علينا نحن معشر الجنوبيين أن نفتح صفحة جديدة مع الجارة والشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية وطي صفحة الماضي .
لم يكن إنسحاب إماراتي أو إعادة تموضع أو إنتشار خارج عدن ، ولكنها كانت رغبة سعودية للتواصل المباشر مع الجنوبيين في عدن ، أراد السعوديون شريك وحليف وفي وشجاع ونزيه عوضا عن شركاء الشمال الذين خذلوا المملكة العربية السعودية طيلة الاعوام الخمسة من عمر الحرب في اليمن ، فوجدوا أخيرا ذلك الشريك في جنوب اليمن .
لا تستغربوا نواح وعويل الميسري والجبواني وغيرهم ممن يعدون الأيام والساعات والثواني خوفا من ضياع كراسيهم ومناصبهم ، التي كانت عبارة عن ابقار يحلبون منها المليارات يوميا ، سينتهي ذلك العويل بعد إقالتهم ، وسيتوجهون لتركيا وقطر ليصبحوا من مشاهير القنوات الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعي كياسر اليماني .
كانت لدينا هواجس وشكوك ومخاوف من الدور السعودي في عدن والجنوب بسبب الأحداث السابقة ، ولكنها تلاشت تلك المخاوف والشكوك بعد التوقيع على مسودة حوار جدة وما سيليها من إعادة هيكلة للشرعية والحكومة اليمنية ، لنأخذ قسط من الراحة بعد عناء وتعب ومشقة تحملها شعبي البائس الفقير ، ولنضع ايدينا بأيدي حلفائنا الاوفياء دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية .