تشخيص للوضع الراهن

تشخيص للوضع الراهن

قبل سنة

بإيجاز شديد نقول اننا نعيش حالة أزمة بنيوية،مستمرة، متكررة، تعود هذه إلى طبيعة ترسيخ حضور الانتماءات الطائفية والقبلية والجهوية، التي ظلت تفعل فعلها في مسار الاحداث والصراعات المتكررة والمستمرة إلى يومنا هذا، في هذا البلد.

 

ظل هذا الحضور يتغذى بثقافة ترسيخ سلوك الولاءات الفردية والطائفية والقبلية المتعددة، الذي يتمحور. حول إنتاج وظائف اجتماعية واقتصادية وسياسية ودينية توفر الاستحواذ على المصالح وتأمين الحماية للمنتمين إلى تلك الكيانات. في ظل مجتمع مأزوم لم تتبلور فيه بعد البنى السياسية والاجتماعية. والاقتصادية للدولة الحديثة.

 

إذ يعيش اليمن حالة مزمنة من تكرار الصراعات والحروب حيث تبدوا ملامحها في الواقع بانها قد رسمت من قبل القوى المستبدة ، وهذا الوضع هو حصيلة لما خلفته النظم الاستبدادية والثقافة الاستقوائية ومصادرة حقوق الاخرين والفساد المستمر للسلطات طوال المراحل السابقة التي انتجت ثقافةِ الاستبدادية والغلبة الجهوية والولاءات الفردية ، والنهب المنظم للثروات وفي مقدمتها تلك ثقافة الاستبداد التي تجسدت في الغاء كل ما يتصل بالجنوب من تاريخ وإنسان وثروة ، وعدم الاعتراف بالحق الشرعي لشعب عاش زمنا طويلا على رقعة ارض واضحة المعالم تميزوا بثقافاتهم ونظمهم الاجتماعية المستقلة.

 

وقد تضمن هذا الالغاء على صعيد الواقع والفكر فعلى صعيد الواقع تم الضرب الممنهج للجنوب منذ حرب 1994م، كشعب ودولة ، وعلى صعيد الفكر تم انكار هذا الحق بالحديث عن اليمن الواحد ووحدة الواحد ، وتم اخفاء صوت الحق القائم على اساس الشعبين والدولتين ، واختفت الوحدة من الواقع وبقي الحديث عن الوحدة الوهم المجردة من مضامينها والوهم المراد منه اخفاء مطامع وتصرفات اشخاص وفئات استبدادية ليس إلا ، لاتمت الى فكرة الدولة بشي.

 

إذ لم تستطع التحولات السياسية والاجتماعية ان تخترق البنية المرجعية حيث مازالت مراكز القوى التقليدية هي الوحدة الاجتماعية الفاعلة في المجتمع. فالحركة الحوثية المسيطرة اليوم على معظم مناطق الشمال هي تجسيدا لاحتواء الدولة بالمرجعيات القبلية والمذهبية المناطقية التي تحاول استعادة دورها والحفاظ علية من خلال مؤسسات الدولة كما تظهر ابسط تجلياتها اليوم في مجال الاعلام والسياسة والحرب.

 

ان الواقعية السياسية هي الاعتراف بحقوق الاخرين باستحقاقاتهم الحضارية والتاريخية والمذهبية، الاعتراف بثقافات التنوع هذا والاعتراف المتبادل هو الضمان الاكيد لقبول الكل ، ان قبول الاخر قائم على الاعتراف بالواقع الطبيعي والحضاري والثقافي المستند إلى مرجعية الأرض التي تعود الى الدولتين ، ممكن تشكل مستقبل مزدهرا متنافسا ومتعاونا ومتعاضدا في المنطقة .

 

فمداخل السير نحو الحلول السياسية لتلك الازمات قد يبحث من خلال إيجاد آليات تتولى التوجه بعملها نحو الحلول السياسية للأزمة الراهنة، بالعودة إلى خلفيات الصرعات المتكررة.

 

هذا الوضع يستدعي استنهاض الفكر والضمير الجمعي للاتجاه صوب تجذير بنى الدولة والمجتمع، بديل للكيانات المتذررة بكل مضامينها ومعاييرها العلمية، غير ذلك فإننا دون شك سوف نبقى عالقين في دائرة إعادة إنتاج وتكرار الأزمات والصرعات..

فواقع ما بعد ٢٠١٥م يختلف عن ما قبله، وعليه فإنه من غير المنطق اعتماد آليات ومرجعيات سابقة كانت إحدى الأسباب الرئيسية لاندلاع الحرب.

إذ ان الواقعية السياسية تحتكم علينا الانطلاق من واقع ما افرز مسرح عمليات الحرب على أرض الواقع مناطق محررة ومناطق تحت قبضة الحوثي من هنا يتم معالجة اللازمة.

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر