لم يكن اعلان عدن التاريخي الذي فوض الرئيس عيدروس الزبيدي، بتشكيل القيادة السياسية للجنوب حينها ، كردة فعل على إقالة محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي ، كما كان يعتقد البعض ، او برغبة من قبل الخارج، بل هي رغبة جنوبية وثمرة نضال للقوى السياسية والاجتماعية والمقاومة الجنوبية، عبرت عنها كثير من الرؤى والادبيات والتوجهات السياسية والفكرية للمكونات والقوى والنخب والافراد والمؤسسات الفكرية ومنظمات المجتمع المدني في الجنوب ، عملت عليها لجنة فنية من الكفاءات السياسية والعلمية منذ عام بدون ضجيج اعلامي لإنتاج رؤية وبرنامج عمل وأضح المعالم والاهداف. ومن خلال ذلك كله نقرأ ان المجلس الانتقالي كان ضرورة وطنية وسياسية جنوبية وضرورة إقليمية ودولية تنطلق من خلفيات ومبررات واقعية. يمكن ان نجتهد بها هنا وتتمثل في الاتي: اولا: ان الاوضاع المأساوية التي وصل اليها الجنوب بفعل تلك الممارسات العنجهية التي مارسها نظام الاحتلال خلال الخمسة والعشرون السنة الماضية تشكل الدافع الرئيس نحو بناء و ترتيب البيت الداخلي الجنوبي في اطار كيان سياسي يمثل الجنوبيين والانتقال بهم إلى عملية يتصرف من خلالها كاطار سياسي مستقلة وصولا إلى تحقيق هدف الجنوبيين بالحصول على الاستقلال الكامل عبر إرساء وبناء قواعد الدولة كاطار سياسي واقتصادي واجتماعي بهويته الجنوبية العربية كدولة مستقلة، تمكنهم من السير في اتجاه مواجهة التحديات القادمة التي يمارسها تحالف نظام صنعاء "القبلي الطائفي والسياسي" والذين يثيرون الكثير من المخاوف التي تزعزع آمن واستقرار المنطقة بعامة والجنوب بخاصة. وبهذا الصدد فقد حققت المقاومة الجنوبية مع التحالف العربي نصراً كبيرا على تلك المليشيات الانقلابية وكسرت مشروع الامتداد الايراني في المنطقة ، الاّ ان النصر لم يكتمل بسبب تأخر حسم الحرب في الشمال ، وأهمال المناطق المحررة في ظل تحكم الإنقلابيين في صنعاء بالمقدرات المالية والادارية . ثانيا : يعد الحفاظ على النصر الذي تحقق في الجنوب ضرورة وطنية واخلاقية تصون دما الشهداء وتضحيات الجنوبيين واهداف التدخل العربي وذلك لم يتأتأ الا من من خلال ايجاد كيان سياسي جنوبي يدير ويشرف على المحافظات الجنوبية المحررة بالتنسيق مع شرعية الرئيس هادي والتحالف العربي. ثالثا: ان انتظام العملية السياسية للحراك الجنوبي يستدعي مبدا الاعتراف والتعامل مع الواقع ببعديه الاستراتيجي والتكتيكي معاً، من خلال تحليل الأسباب التي أدت إلى هذا الواقع والاستفادة من كل معطياته ومن التجارب السابقة، وبرؤية تحليلية متصلة بالأحداث والتطورات والتحولات التي أصابت المنطقة منذ فشل مشروع الوحدة والحرب على الجنوب عام 1994م، مرورا بالحرب على الإرهاب وثورات الربيع العربي وثورة التغيير عام 2011 م ومؤتمر الحوار وما تلاه من تطورات ، وصولا إلى الحرب الاخيرة واسبابها وانعكاساتها وتصاعد موجات المظاهرات والاحتجاجات الشعبية منذ عام 1994م وازدادت وتيرتها ما بين 2007م - 2015م، كل ذلك قد ساعد وضوح قضية الجنوب كقضيه محوريه ، بينما لم نرى أي جهود خارجية تستهدف إيجاد حلولا لها. رابعاً : ان المؤشرات التي افرزتها نتائج الحرب الحالية ستبقي التوتر قائم بين اطراف الصراع اليمني "في الشمال" وعودتهم لممارسة خلق الفوضى في الجنوب مستغلين التبعية الحزبية والادارية والمالية لمؤسسات صنعاء المركزية . خامساً: يعد الكيان السياسي معبراً عن شعب في منطقة محددة جغرافياً ومعروفه دوليا بانها كانت دولة مستقلة ، بما يمكنه من الدخول في علاقات وطيدة مع الدول الأخرى ,ومن ثم فإن كيان يمتلك كافة المقومات اللازمة الداخلية مثل الشعور الجمعي بهوية الانتماء للجنوب كهوية وطنية تعمل على تماسك المجتمع ، بالإضافة إلى الكفاءة الادارية ، والتقدم الذي أحرزه الحراك الجنوبي والتضحيات التي قدمها شعب الجنوب، فضلاً عن التحالفات الإقليمية التي افرزتها وتفرزها الحرب الدائرة حالياً باليمن ، وأبرزها محور ( الامارات – السعودية – مصر ) سادساً : ان مطالب الجنوبيين في حق تقرير مصيرهم في استقلال الجنوب كامل على ارضهم المحددة والواضحة في الحدود الدولية الى ما يوم 22 مايو 1990م هو حق تكفله كل المواثيق والمعاهدات الدولية . وهو هدف عام ورئيسي تنشده كل القوى والتكتلات السياسية والمدنية والجنوبية وفي مقدمتها قوى الحراك الجنوبي , وهو رغبة وطنية تسندها الاستحقاقات الحضارية والسياسية مدعومه بعنفوان الشارع الجنوبي الموحد بهدفه لنيل الحرية والاستقلال بوصفه حجر الاساس الذي تقوم عليه الدولة المستقلة . سابعاُ : ان مستقبل الاستقرار السياسي الداخلي والخارجي، لابد من السير قفيه عبر الممارسة العملية وابعاد خطر التيارات الاصولية والارهاب، لما لذلك من تأثير ايجابي على الاستقرار بالجنوب والمنطقة بعامة، اذ اثبتت التجارب والشواهد على ارض الواقع بان نظام صنعاء هو من ادخل الإرهاب الجنوب بخاصة واليمن بعامة.