القضية الجنوبية وإشكالية الهوية (19-20)

القضية الجنوبية وإشكالية الهوية (19-20)

قبل 3 سنوات

القضية الجنوبية وإشكالية الهوية (19)

 

الفصل الخامس

السياق التاريخي للهوية الجنوبية

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

متى صار الجنوب يمنيا؟؟

في الرد على هذا السؤال سنرجئ التعليق على التسمية التاريخية لمفردة "اليمن" باعتبارها تعني كلما يقع جنوبي الكعبة المشرفة من المناطق والبلدان حتى فصل لاحق، لكننا نشير إلى أن تعبير "اليمن" كدلالة على كيان سياسي لم يظهر إلا بعد عقدين من تأسيس المملكة المتوكلية الهاشمية بعد رحيل الأتراك، حينما قرر الإمام يحيى تسمية مملكته بـ"المملكة المتوكلية اليمنية"، لكن ما بقي في الوعي الجمعي لدى كل من عاصر تلك المرحلة هو إن اليمن هي تلك البقاع والبلدان التي تقع جنوب الكعبة، وبالتالي فإن مملكة الإمام والسلطنات والإمارات التي تقع إلى جنوبها وشرقها كلها يمنية وكلها جنوبية بالمعنى الجغرافي لمفردة اليمن ، التي لا تعني سوى المعنى الآخر للجنوب، لكن ليس بالمعنى السياسي.

بيد إن الإمام يحيى عندما غير اسم مملكته كان يهدف إلى شيء أوسع من مجرد تغيير التسمية، فهو إنما كان يطمح إلى تحويل كل "اليمن" ( أي كل ما يقع جنوب الكعبة ) ليبقى جزءً من مملكته.

لكن لنرجئ كل هذا ولنتوقف عند الأسباب والظروف والملابسات التاريخية-السياسية التي أفضت إلى تسمية "جنوب اليمن" ثم "اليمن الجنوبي" وما يتصل بهذا من معطيات وأسباب وملابسات وتفاعلات.

لقد تميزت فترة الخمسينات من القرن العشرين بحصول حالة من الاستنهاض للوعي الوطني والقومي في عدن وبقية مناطق الجنوب، كما في عموم المنطقة العربية وقد اقترنت تلك الحالة بعاملين مهمين هما:

العامل الأول: ويتمثل في النهضة الثقافية والتعليمية والمدنية والاقتصادية بشكل عام في عدن وعدد من مدن الجنوب الرئيسية، وانتشار التعليم وتفتح وعي الناس على ما يشهده العالم من صراعات سياسية ونهوض للحركات التحررية الرافضة للاستعمار والمنادية بالاستقلال، خصوصا بعد استقلال الهند وباكستان ومصر والسودان وقبلهما سوريا ولبنان والإطاحة بالنظام الملكي في العراق وهذه الأحداث والتحولات لها خلفياتها وأسبابها التي يطول الحديث فيها، وبالمقابل ما جرى التعارف عليه بالنكبة الفلسطينية وإقامة دولة إسرائيل والاعتراف بها دوليا على الأرض الفلسطينية في العام 1948م.

والعامل الثاني: تمثل في قيام ثورة الضباط الأحرار المصرية في 23 يوليو 1952م وما رافقها من إجراءات اعتبرها الكثير من المؤرخين إجراءات "ثورية وتقدمية" تمثلت بالإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس وبناء مجمع الحديد والصلب في حلوان، ومن ثم احتدام الصراع مع المعسكر الاستعماري الذي بلغ ذروته في "العدوان الثلاثي" (الإسرائيلي-الفرنسي-البريطاني) على مصر في العام 1956م، الذي فشل في إسقاط النظام الناصري مما منحه سمعة قوية وخلق حالة من الدعم والمساندة المعنوية والسياسية (الواعية غالبا، وحتى غير الواعية أحيانا) وتنامي الشعور بالانتماء الوطني والقومي لدى السواد الأعظم من المواطنين العرب، ومنهم مواطنو المستعمرات البريطانية في ما كان يعرف بـ"الجنوب العربي"، وفي طليعتهم القوى والتنظيمات والأحزاب السياسية ومنظماتهم النقابية والاجتماعية وحتى بعض القيادات المشيخية والسلاطينية.

في هذا الإطار ومع انتشار الاتجاهين الرئيسيين في الحركة القومية العربية (التيار الناصري والتيار البعثي) وكلاهما يرفع شعار "الوحدة والحرية والاشتراكية"، طغى الشعور القومي على الشعور الوطني وصار الانتماء الوطني لا يعبر عنه إلا في إطار التعبير عن الانتماء القومي، وكل عربي لا يتحدث عن القومية حتى يربطها بالقومية العربية، رغم الكثير من وجهات النظر الفلسفية والسيسيولوجية التي تعتبر القومية والأمة (nation) هي الشعب الذي يعيش على أرض معينة ويتكلم لغتها ويقيم عليها نظامه السياسي والاقتصادي، وفي ظل هذا الزخم الثوري والمد القومي العربي نشأت فكرة ونظرية "الوحدة العربية".

هذه الفكرة كانت قد سبقتها فكرة الوحدة الإسلامية في مطلع النصف الأول من القرن العشرين سواءٌ إبان الاحتلال التركي للمنطقة العربية أو بعد سقوط الإمبراطورية التركية وانتقال النفوذ في المنطقة العربية إلى الاستعمار الأوروبي الغربي (البريطاني-الفرنسي)، وهي الفكرة التي تمخضت عن ولادة تنظيم الإخوان المسلمين كتنظيم عالمي، وعلى العموم فقد أخذت هذه الفكرة مداها الزمني وتراجعت من الواجهة بعد ما تمخضت عنه الحرب العالمية الثانية وبعد نكبة فبسطين ونشوء دولة إسرائيل 1948م، وما ترتب على كل هذه الأحداث المفصلية من تغيير عاصف في وعي المواطن العربي ونخبه السياسية.

وبغض النظر عن كل هذا فإن الأحزاب والتنظيمات السياسية التي نشأت في عدن وبعض عواصم الإمارات والسلطنات الجنوبية الأخرى كانت تعتبر الحديث عن الوحدة العربية الذي صار متلازمة يومية للثقافة السياسية العربية، لا يستقيم قبل الحديث عن "وحدة اليمن" وبدأ الحديث عن اليمن الطبيعية في كتابات المفكر اليساري الكبير الأستاذ المرحوم عبد الله عبد الرزاق باذيب وغيره من المفكرين السياسيين الجنوبيين، وشيئا فشيئا وبفعل التأثير المتبادل بين مثفي الجنوب ومثقفي الشمال مثلما بين الأحزاب السياسية الشمالية التي نشأت في عدن وبين الأحزاب السياسية الجنوبية، صار الحديث عن "وحدة اليمن" يختل مكانة هامة في اللغة السياسية الجنوبية.

أن التدوين التاريخي لهذه القضية وما سارت عليه من عملية انتشار وتنامي وما رافقها من تصاعد ونكوص وقبول ورفض يطول ويتشعب لكن المهم بالنسبة لبحثنا هذا، هو إن الحديث عن "الوحدة اليمنية" كان عبارة عن شعار سياسي يقف على خلفية فكرة "القومية العربية" التي تتغنى بـ"الوحدة العربية والحرية والاشتراكية"، وما ينبغي إدراكه هنا هو إن الفكرة كانت بنت ظروفها التاريخية والثقافية ومثلت تلك الأمنيات الوردية لجيل ذلك الزمن، وعندما قامت ثورتا سبتمبر وأكتوبر وتشارك الانخراط فيهما أبناء الجنوب والشمال وإن بنسب متفاوتة، تنامت فكرة الانتماء إلى اليمن الجديد الخالي من الإمامة والاستعمار ومخلفاتهما، ونادراً ما كان التمييز بين الثوار يقوم على أساس الانتماء الجغرافي بل كان التمييز يقوم على التباين الفكري والسياسي وبالتحديد بين ما يحمله هذا الفريق السياسي أو ذاك من مشروع سياسي وما يسعى إليه من أهداف، بيد إن كل هذا لم يخلق اندماجاً حقيقيا ولا حتى تقارباً عضوياً بين الشعبين ولم يغير في تباين الهويات بينهما أو لديهما.

وقد لعب الدعم المصري بقيادة الزعيم الخالد جمال عبد الناصر للثورتين في شمال اليمن وجنوبه، دورا كبيرا في الحشد لفكرة يمنية الجنوب، خصوصاً وإن معظم مراكز حشد وتدريب الثوار الجنوبيين كانت في مدن شمالية، وأهمها مدينة تعز القريبة من الحدود الجنوبية، ومن هناك كان الثوار ينطلقون للقيام بمهماتهم في مهاجمة القوات البريطانية، وتنفيذ العمليات الفدائية في مناطق الجنوب، كما كان للثورة الجنوبية ممثلون لدى سلطة الجمهورية العربية اليمنية، حيث كان زعيم الجبهة القومية الرئيس لاحقا قحطان محمد الشعبي وزيرا لشؤون الجنوب في حكومة الرئيس عبد الله السلال.

وخلاصة القول إن قضية جعل الجنوب يمنيا أو ما يسميه بعض الكتاب والصحفيين وناشطي التواصل الاجتماعي في الآونة المتأخرة بـــ"يمننة الجنوب" لم تكن مؤامرة من أحد ولا خديعة تعرض لها الجنوب وأبناؤه على يد أحد، بل لقد كانت فكرة نبيلة ذات أبعاد سياسية وقومية لاقت رواجها في ظروف تاريخية معينة كانت ملائمة لانتشارها، كجزء من الفكرة العروبية التي كانت ترى في الحدود بين البلدان العربية مجرد مؤامرة استعمارية ينبغي رفضها والتخلص منها، وقليلا ما لاقت هذه الفكرة رفضا أو اعتراضا من أية قوة سياسية، بل إن أكثر الناس معارضة لها لم يصدر عنهم ما يعبر عن هذه المعارضة.

في هذا السياق علينا التمييز بين الشعار الذي يمكن أن يعبر عن أمنية أو حلم (معقول أو غير معقول) على ما في الفكرة والحلم من نبل وسمو، وبين تحول هذا الحلم أو الأمنية إلى حقيقة واقعة تعبر عن هوية أو جزء من الهوية كأمر ملموس وفعلي، حيث ظل شعار الوحدة اليمنية مجرد شعار سياسي يخاطب تطلعات معينة لأطراف سياسية ربما مثلت الغالبية العظمى من سكان الجنوب، إبان ما قبل الثورة الأكتوبرية وأثناءها وما بعدها، بيد إن الأحلام والتمنيات لا تبنى عليها حقائق ولا ترسم في ضوئها سياسات إلا عندما يتم غسلها من العواطف وتطهيرها من الهيجانات النفسية والاحتكام إلى العقل السياسي الواعي في صناعتها ورسم الخطط والبرامج الدقيقة والمحكمة لنقلها من خانة الأحلام إلى خانة الأفعال والوقائع.

وحتى تسمية التنظيميين الرئيسيين في ثورة أكتوبر "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل"، و"جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل" وكذا تسمية دولة الاستقلال بـ"جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" كل ذلك لم يكن ليعني أن الجنوب قد صار جزءً من اليمن الذي استقر في الوعي الشعبي لعامة الناس، أو أن الهوية "اليمنية المفترضة" (هوية الجنوب وهوية الشمال) قد غدت واحدةً، بل ظل كل هذا تعبيرا عن تطلع صبغته ثقافة العاطفة القومية والحماس الثوري ذو الخلفية العروبية، وربما كان لثقافة "حرق المراحل" حضورا في هذه الشعارات العاطفية الجياشة.

 

القضية الجنوبية وإشكالية الهوية (20)

ـــــــــــــــــــــــــــــــ د. عيدروس نصر

الفصل الخامس

السياق التاريخي للهوية الجنوبية

_______________

تمظهرات نشوء وتطور الهوية الجنوبية

_______________

لم يرتبط نشوء وتبلور الهوية الجنوبية فقط بمجرد قيام الدولة الجنوبية، على ما لهذا الأمر من أهمية ، لكن نشوء الدولة (أي دولة) وحده ليس شرطاً كافياً لنشوء الهوية (أي هوية) واكتمال مقوماتها، بل هناك ما هو أهم من الدولة لقيام هوية حقيقية تعبر عن أصحابها، فإذا كانت بذور الهوية الجنوبية ـ كما قلنا ـ قد بدأت تشق التربة خلال معركة النضال الوطني من أجل الحرية والاستقلال، فإن إعلان الدولة الجنوبية التي وحدت كل أراضي جمهورية اليمن الجنوبية ـ ثم الديمقراطيةـ الشعبية، لأول مرة وبلورت مقومات صيرورتها من خلال جملة من الإجراءت الضرورية لأي دولة حديثة الولادة، إن هذا لم يكن سوى فتح البوابة الرئيسية لتنامي وتعدد واتساع تمظهرات الهوية الجنوبية، أو إنه مثل ذلك الشلال الذي يروي بمياهه العذبة شجرة الهوية ويمكنها من مد فروعها وأغصانها لتتفتح أزهارها وتدنو ثمارها عبر سنوات الاتساع والتمدد وتجذُّر ونضوج هيكليتها ومقومات بقائها وتعزيز مضامينها.

ويمكننا بإيجاز شديد التعرض لأهم هذه التمظهرات المعبرة عن نشوء وتطور الهوية الجديدة التي اقترنت ولادتها بقيام ثورة أكتوبر التحررية وتحقيق الاستقلال الوطني وبناء الدولة الجنوبية الفتية على مدى أكثر من ربع قرن من الزمان.

  1. بزوغ وتبلور المظاهر الثقافية الوطنية وظهور

ما يمكن تسمـــــيته بالثقافة الشعبية الجنوبية

الثقافة الشعبية هي سمة تاريخية ملازمة لقيام الأقوام والأمم والشعوب، وهي تكتسب صفتها التاريخية من خلال مظاهر عديدة منها المدون والمكتوب، ومنها المتناقل بشكل شفوي عبر الأزمنة والقرون، كالأساطير والقصص الشعبية وقصص الأطفال، ومنها ما يتجسد في الأدوات والتمثلات المادية كأدوات الاستعمالات المنزلية والمهنية والملابس التقليدية وأدوات الزينة ومنها ما يتصل بالعلاقات التقليدية والعادات والتقاليد الشعبية المتوارثة كأفراح الزواج والميلاد وتقاليد تأبين الموتى وأشكال التعاون التقليدية بين الأسر والأصدقاء أو بين العشائر والفخائذ.

وهذه المظاهر لازمت مختلف مناطق سلطنات ومشيخات وإمارات الجنوب وجماهيرها، وعبرت عن مظهر من مظاهر هويات تلك الكيانات والمكونات، كلٍ على انفراد وهي تتشابه أحيانا لدى بعض تلك الكيانات لكنها قد تختلف اختلافا نوعيا في كثير من الأحيان، وإذا كان ميلاد الدولة الجنوبية قد فتح الآفاق أمام تنامي الهوية الجنوبية فإن المظاهر الثقافية الشعبية قد اتخذت منحيين في التعبير عن نفسها فأولا نشأ نوع من الاندماج بين العديد من مظاهر الثقافة والفولكلور الشعبيين وظهرت المنتجات الثقافية الجديدة المعبرة عن الوضع الجنوبي الجديد، ومن ناجية أخرى شكل التمايز بين هذه المظاهر طيفا متزاوجاً ومتناغما في لوحة ثقافية شعبية واحدة انتفت معها أسباب التناقض والتعارض والتصادم بين الكيانات السياسية التي ذابت في الكيان السياسي الجديد، وبعبارة أخرى فإن اندماج المكونات السياسية المناطقية في الكيان السياسي الجديد، جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، قد خلق الظروف اللازمة لاندماج وتناغم وتكامل مظاهر الثقافة الشعبية دون أن يلغي ما بينها من تمايزات خلاقة وإيحابية أثرت اللوحة وأغنت مضامينها دون أن تتناقض فيما بينها.

وعلينا أن لا ننسى الدور الكبير الذي لعبته المدينة، عدن، كمركز استقطاب سكاني تدفق إليه مئات الآلاف من القادمين من الأرياف في إطار الهجرة الداخلية، في تقريب الوعي الثقافي بين الوافدين إليها وصناعة تلك الثقافة الجديدة التي تحولت شيئا فشيئا من معارف ومكتسبات معلوماتية جديدة وطارئة بالنسبة للكثيرين منهم إلى ثقافة يومية تتجسد في سلوك الناس بغض النظر عن انتماءاتهم الجهوية أو المناطقية السابقة.

ولتأكيد هذا يمكننا الإشارة إلى مثالين حيين عبرا عن نشوء الثقافة الجديدة التي تحولت طوال ربع قرن إلى ثقافة شعبية جنوبية عامة:

فظاهرة حمل السلاح والتفاخر به كانت ملازمة لكل مناطق الجنوب ما قبل الاستقلال، باستثناء مدينة عدن، لكنها بعد الاستقلال وإنهاء النزاعات القبلية والجهوية والعشائرية ما بين المناطق أو بين فخائذ وعشائر المنطقة الواحدة، صار الاستعناء عن السلاح أمر مفهوم وشبه ملزم قبل صدور قانون تنظيم حمل وحيازة السلاح وإطلاق الأعيرة النارية، وتحول حمل السلاح من ظاهرة يومية تكرس ثقافة التفاخر والمباهاة والاستعراض، إلى سلوك مستهجن ومستفز، وصار من يحمل السلاح في المدينة أو حتى في الريف يبدو كحالة غريبة ومستهجنة فضلا عن إنها مخالفة للنظام العام، بل إن الكثيرين صاروا يشعرون بالخجل من مظاهرهم إذا ما اضطروا لحمل السلاح الناري أو حتى السلاح الأبيض (الجنبية).

كما إن الاحتكام إلى الأعراف القبلية، التي لم تكن دوماً صائبة وعادلة، في فض المنازعات بين الأفراد أو الجماعات، والذي ظل لقرون هو الوسيلة الوحيدة لإصلاح ما بين المتنازعين، قد اختفى ولم يعد له أي حضور في تنظيم العلاقة بين الناس، بل لقد تراجعت النزاعات الناجمة عن استخدام السلاح في حل الخلافات وصار المتنازعون على خلفية أية قضايا حقوقية أو مدنية أو جنائية لا يحتكمون إلا إلى اللجنة الشعبية أو الفلاحية أو لجنة الدفاع الشعبي لاحقاً (وهذه هيات شعبية مدعومة من قبل السلطة وتنتظم تحت القانون المعمول به في البلد)، ثم إلى مركز الشرطة وقاضي المحكمة وهم ما يعني تخلق نوع جديد من العادات والتقاليد المدنية الراقية والموحدة بديلا عن الأعراف والتقاليد المتخلفة أحيانا والمتباينة غالبا من منطقة إلى أخرى.

هذان النموذجان يبينان تخلق نوع جديد من الثقافة الشعبية المختلفة التي شقت طريقها بفعل قيام النظام الجديد بعد عقود من أزمنة الولايات والإمارات والسلطنات التي لم تكن دوما متوافقة ومتجانسة.

ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الثقافة الشعبية الجديدة لم تنشأ بين عشية وضحاها بل لقد تخلقت ونمت وسط معترك صامت مع بقايا الثقافات المعيقة لعملية الاندماج الوطني والتي لم تضمحل وتتلاشى إلا بعد فقدانها أسباب البقاء وعجزها عن مواكبة معطيات الحياة الجديدة ومتطلباتها.

يتبع...

 

التعليقات

الأكثر قراءة

اتبعنا على فيسبوك

اتبعنا على تويتر